التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

بوّح الدلّة

الدلة صنعت بحرفية دقيقة غاية في الأبداع والذوق الفني لذلك فهي ملهمة للارتقاء بالمزاج والأحساس الرفيع واصبحت إناء ذا قيمة اجتماعية وعلى مستوى راقي لتقديم القهوة العربية لعشاقها واحتسائها لتبادل الأحاديث وفتح النقاشات وطرح الحلول وتداول الأراء وبدع القصيد ورواية الأحداث وكأن الدلة وهي تطوف المجالس والردهات حمامة سلام تؤدي رسالتها فأجمل الأشعار أنشدت في حضرتها وأحسم الأمور قررت وأفلح الأراء طرحت وأخفت البوح همست وهي تلمع ببريقها في العيون لذلك ارتبطت الدلال بقصص حب ووفاء عند مستخدميها او اهلها واتخذت لها مكانة عاطفية حتى كأنها من العائلة وعادة ما يتوارثها الابناء من الاباء والأجداد وبقيت رمزاً لتقديرهم وذكرهم الطيب وكثيراً ما احضر مجالس واجد دلال قديمة ويدور الحديث   حولها فيخبروني بقصص اقتنائها وتاريخها القديم والذكريات المرتبطة بها  حتى ان بعضها يستعصي عن البيع مهما كان الثمن. في صغري اذكر عند والدي رحمه الله طقمين من الدلال كل طقم عبارة عن ثلاث دلات صغيرة ووسط وكبيرة من انواع الرسلان وكان يحضّر القهوة بالدلة الكبيرة ثم يصبها في دلة الهيل والأخرى للدلة المخصصة للمسمار ا

آآه يابرج التلفزيون

قتل الإشاعة يكمن بالسبق في نقل الحدث . هناك احداث تقع في وسطنا المحلي فنجد الاعلام الخارجي يسابق اللحظات في نقل الحدث بينما قنواتنا التلفزيونية غائبة بل وتنقل بكل رتابة مواد دورتها الاعلامية المبرمجة ، كأمثلة اذكر -سابقا- انفجار شاحنة الغاز تحت جسر طريق خريص بالرياض وحادثة سقوط رافعة الحرم بمكة ولن يكون آخرها التصدي لصواريخ المليشيا الحوثية قبل ليلتين ، يأتي الخبر العاجل بشريط احمر ينبض بالسرعة على قنوات فضائية خارج الوطن بينما قنواتنا تتأخر في نقل الخبر الذي يتردد صداه في آذان الاعلاميين الذين يديرون الفترة من برج التلفزيون وسط الرياض !   ما هذا الذي يحصل في جهازنا الإعلامي؟ حينما وصلني الخبر الأخير من وسائل التواصل المتعددة توجهت فوراً الى القناة الاولى فأذا بها تعرض مسلسل اكل وشرب عليه الدهر ثم انتقلت لما تسمي نفسها بالاخبارية فأذا مقدم نشرة الاخبار يقرأ اخبار معلبة، ولا زالت العناوين العاجلة في قنوات خارجية تذيع انباء عن سقوط صواريخ بالرياض واخرى في القارة الاوربية عبرت عن الحدث بقولها: سماع دوى انفجارات بالرياض . خلال هذه الدقائق قد تنتشر الاشاعة وتطير في الفضاءات الالك

آثار كورونا اشد منه

أستهل عام ٢٠٢٠م بإثارة الرعب والهلع في العالم اجمع من خلال فايروس صغير لا يرى بالعين المجردة ،  فأُغلقت الحدود وتوقف الطيران والغيت كثير من الفعاليات الثقافية والاجتماعية وتضرر الاقتصاد بانخفاض اسعار البترول وانهيار البورصات العالمية وتوقف العالم بانتظار الكارثة بينما الكارثة وقعت بهذه التبعات المخيفة. في المقابل لا يزال هذا المرض في ذيل الأسباب القاتلة منذ بداية العام فلا قتلى النزاعات الدولية ولا الحوادث المرورية او السرطان وغيره بلغ عدد ضحايا كورونا . قد يكون عدم وجود مصل مضاد حتى الآن وسرعة الانتشار وغموض مستقبله والزخم الإعلامي والإشاعات اسباب في آثاره كل هذا الرعب والهلع الذي بلغ بأحد المشتبه بإصابته ان يقذف بنفسه من نافذة المستشفى ويموت قبل ان تظهر النتيجة المخبرية التي اكدت سلامته ،  ناهيك عن الاضرار الاخرى التي لا تقل تأثيراً فالخسارة المالية والتراجع الاقتصادي التي قد تبقى أثرها لسنوات على اقتصاديات الدول ورغد عيش شعوبها من فقد وظائف وكساد وغيره .  في المقابل صنع هذا الفايروس فرص كانت مهدره مثل الانجاز عن بعد التي تعتبر نقلة نوعية في اسلوب الحياة علماً وعملاً وما

صوت الآذآن

نداء الحق جاء في الحديث :   " المؤذنين اطوال الناس اعناقاً يوم القيامة "   وذلك لأنهم يرفعون ذكر الله فارتفعت منزلتهم وعلا شأنهم، وشرع الآذان بعد اقتراح من عمر بن الخطاب وأيده الرسول صلى الله عليه وسلم.   وأشهر المؤذنين في التاريخ مؤذن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحابي الجليل بلال بن رباح الذي رفع الاذان في المدينة سنين الهجرة الاولى وبعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام ارتحل الى الشام وعاش بها ثم عاد الى المدينة في زمن عمر وأذن في مسجد الرسول آذان مؤثر أبكي اهل المدينة شوقاً لرسول الله حينما ذكرهم به بلال. في زمننا الماضي القريب اشتهر في منطقة نجد المؤذن ابن ماجد الذي اصبح مضرب مثل في حسن الاداء وتميزه وتمكن من وضع بصمة صوتية ومدرسة في طريقة رفع الاذان ويعتبر اطول المؤذنين مدة حيث امضى حوالي ٧٥ سنة يرفع الاذان في الرياض وارتبط صوت آذانه بموعد الافطار في رمضان على اثير اذاعة الرياض ومن المواقف المؤثرة له انه حينما تم تجديد مسجد الامام عبدالله بن تركي ارادوا ان يهدموا مأذنته التي يعتليها وابلغوه ان هذا آخر آذان له ، قام ورفع الآذان وفي آخره بكى و

قصص من الصحافة

عنوانها جمال خاشقجي "بيني وبين الصحافة قصص ومواقف لا تنسى نوافذ مفتوحة وأبواب مؤصدة  " اولها مع الشاعر طلال الرشيد صاحب الفواصل الجميلة حينما نشر فريقه الصحفي مقالة لي بذكر أسمي الأول فقط "هزاع" وتبين بعد النشر ان الخطأ حقق إثارة ورغبوا ان استمر به واختلفنا وانصفني يرحمه الله بتنويه باسمي كاملاً بالعدد الذي بعده ثم توقف المسار بعد هذا الأختلاف. وليس آخرها إيميل من رئيس تحرير صحيفة الوطن جمال خاشقجي رداً منه يرحمه الله على موضوع بيننا لم يكتمل ، بعد إطلاعه على نماذج من مقالاتي قائلا؛  اهلاً بك "ربما تكون صحفي اختفى بين اوراق العمل الحكومي" وكنت وقتها مديراً في منطقة عسير  ومنها أكتشفت ان هناك معايير تنبع من رغبات وأنتماءات تشبه المتعارف عليها في الصحافة الرياضية ان الكاتب لابد ان يكون له ميول للنادي المفضل لخط الصحيفة.  ولم تمضي أشهر حتى التحقت بصحيفة شمس كاتباً اسبوعياً وانتقلت عملياً الى منطقة جازان وقد واجهت بعض التحفظات الاجتهادية على ما اكتب من ادارتي التي تكبح احياناً إثارة قلمي غير ان الصحيفة غربت وهي في أوج توهجها. وبقيت كلمة خاشقجي تضغط ع

أخو نوّرة

الى أبنتي "مها" في مجتمع الجزيرة العربية وقبل قيام الدول الحديثة كان رجل الصحراء يتفاخر بالمرأة أماً واختاً وزوجة وبنتا ويكفي ان تنتخي ب "اخو فلانه" حتى ينتهض بكل ما أوتي من قوة وعطاء وينتقل الى مستوى من الجاهزية للتحدي والتصدي لحماية مكانة عزوته التي تعزز مكامن القوة والنخوة وكأن المرأة بلطفها وعطفها قد اوقدت كل هذه المشاعر في نفس الرجل الذي يتسم بقسوة حياته وشظف عيشه.   هذه قصة المرأة لدينا ومن هنا يمكن ان اسرد قصص توضح مكانه المرأة في مجتمعنا وكيف انها في حالات كثيرة اصبحت عنوان للرجل ودلالة اجتماعية عليه ولنبدأ بالشخصية الأشهر الملك عبدالعزيز المعروف ب "أخو نورة" تلك العزوة التي يتردد صداها في أجواء معاركه لتوحيد المملكة العربية السعودية وما اجمله من افتخاراً بامرأة رافقه اسمها في بناء اكبر مشروع وحدوي في العالم العربي.   وفي الغالب اكثر الأسر الاجتماعية وكل الأسر الحاكمة لها عزّوة أي الاعتزاز بالأخت تلازم رجالها في المواقف الحاسمة فمثلاً ابن صباح "اخو مريم" وفي الإمارات اشتهرت عزوّة "اخو شما"  وان كان اصلها لأبن عريعر ومن ا

الشاعر القدوة

أحمد  الناصر  الشايع . علامة شعرية مسجلة في تاريخ الشعر الشعبي ليس في منطقة نجد وحسب وأنما في الخليج والجزيرة العربية فقصائده مقرر شفهي على طلاب المدرسة الشعرية وفنه اغاني عشاق الطرب المباح وسيرته درس لسالكي طريق النجاح وكلما تلوث ذوقي بشوائب الساحة الشعرية عدت الى اشعارة وسيرته العطرة التي تفلتر الذوق وتعيد اليه احساسه الذي كاد ان يتبلد انه بختصار يعيد برمجة تذوقي للشعر. بحثت عن قصائده في يوماً ما في الصحافة الشعرية فلم أجد بها ما يغنيني فتولدت في نفسي " شرهة " تحتج على غياب الصحافة عنه .. على الرغم من حضوره في ذاكرة الناس . ولما لم أجد عدّت الى ذاكرتي المليئة بالصور الجميلة عنه كأنني أعوض الغياب الصحافي الذي وصل حد العقوق بهذا الرمز الكبير .. فتذكرت حينما رأيته أول مرة وكنت صغيرا في بداية ولعي بالأدب والشعر ولازلت أتذكر دهشتي لرؤيته التي لم أتوقعها فقد صادفته خارجأ من أحد مساجد مدينته العامرة بأهلها « الزلفي » ثم ركب سيارته « المرسيدس الحمراء، وذهب ولم يزل نظري شاخصاً به