التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠١٩

حفلة عزاء !

يبالغ الناس احياناً في تقديم مأدبة لضيوف العزاء الى حد ان تتحول المظاهر الأجتماعية الى إحتفالية غير مقصودة برحيل المتوفى  في أحد مجالس العزاء ، تقدم الجار المتكفل بتقديم الوجبة للمعزين المتوافدين من كل مكان لتأدية واجب العزاء لجاره قائلا : " تفضلوا على غدائكم الله يحييكم والله انها الساعة المباركة ! " . .  ولم تكن ( الساعة المباركة ) هفوة وحسب بقدر ما هي برمجة لفظية تعودها عند الضيافة ، وهذه البرمجة امتدت إلى طريقة تقديم الوجبة التي كانت عبارة عن وليمة تتكون من عدة مفاطيح ، وهكذا تحولت مظاهر العزاء إلى احتفالية غير مقصودة برحيل المرحوم تنافس فيها الجيران والأصدقاء على مدى ثلاثة أيام ، ولكم أن تتخيلوا لو كان المتوفى سيعلم كم عدد الخراف التي ستذبح على فراقه ، وعدد كلمات الترحيب المصاحبة التي وصلت إلى وصف ساعة العزاء بالساعة المباركة . هذا ما يحدث في بعض مجالس العزاء حينما يجتهد المضيف في المبالغة في إعداد الوليمة للمعزين دون أن يفرق بين مناسبة وأخرى متناسيا أن موائد العزاء يجب ألا يكون فيها تكلف وحفاوة زائدة  وذلك مراعاة للشعور العام لحدث الوفاة واحتراما للمتوفي وإظهار

هل اسرائيل افضل منّا ؟

اسرائيل الدولة المحتلة لفلسطين العربية تعتبر من اصغر الدول في منطقة الشرق الاوسط والاقل سكاناً ولكنها تبدو  -للاسف- نموذج مثالي في بناء الدولة العصرية والتنمية البشرية.  ولست بصدد استعراض انجازاتها وتمجيدها ولكني ادعو الى اخذ العبرة خاصة وان اغلب الدول العربية الاسلامية في وضع متردي وفي ذيل قائمة الدول الجاذبة للعيش الانساني الكريم.  تملك الدول العربية الثروات الطبيعية والثورة البشرية الهائلة وسبل العلم المتوفرة وكل ما يمكن ان يصنع التقدم ولكنها تتقهقر وتتراجع بسرعة مريعة اقرب الى الانهيار . ما الذي يحدث ؟ بقرة في نيوزلندا تنتج اضعاف عدد البقر العربي ! ونخلة في اسرائيل تنتج ايضاً اضعاف تمر نخيلنا. ودجاجة من فرنسا تغذينا . اذن السر في البشر الذي يدير الأمر.  وإلا البقر هو البقر وكذلك النخل .   ومثلها باقي الموارد.  السر ايضاً في العالم "المبتسم" الذي يتقبل الاختلاف ويرعى التعددية ويحاور ويشاور وليس العالم "المتجهم" الذي يخوّن  وينكل ويعنّف مخالفيه ويطبق القاعدة الفرعونية لا أُوريكم الا ما أرى . فالاراء المتعددة -بالتأكيد- خير من

علاقة البدو بالحضر

تظهر الصورة النمطية السائدة عند بعض افراد المجتمع السعودي ان العلاقة بين اهل البادية واهل القرى قبل قيام الدولة  متوترة وتكاد ان تختزل في مواقف قليلة تكاد ان تغيًب الاكثر الأجمل الذي يوضح الصورة الأكمل ، وهذه الصورة الضيقة غير واقعية الى حد كبير  وهي صورة الذين لا ينظرون للجزء الممتلئ من كوب الماء ولكنهم ركزوا على الجزء الفارغ ذلك الجزء الذي يشمل الواقع العنيف الذي يعصف بالعلاقات في تلك الفترة بين حتى افراد القبيلة الواحدة التي يحصل بين افرادها قتل وسلب ونهب ناهيك عن الصراع بين القبائل فيما بينها وكذلك بين القرى والتحالفات التي تتحكم بالمشهد بناء على المصالح والأعتبارات الأخرى من جيرة او ولاءات سياسية ، فليست الحالة العنيفة موجهه من فئة أجتماعية ضد أخرى ولكنه واقع عام مؤلم والحمد لله الذي انقذ الأمة بجهود قائد ورجاله اسسوا بقوة ايمانهم  وصلابة إرادتهم مملكة عربية سعودية احتضنت ابنائها كأسنان المشط.   اعود الى الجزء الممتلئ فأذكر ان هنا علاقات اجتماعية وحياة اقتصادية من زراعة وتجارة وتبادل في البضائع بين اهل الرعي واهل الزراعة والصناعة واهل البحر.  ولا ادل من ذلك الا انطلاق قوافل ال

قصة حب بين اللهجة واللغة

اللغة الثالثة  ثمة خط فاصل بين ثقافة البيت ، وتثقيف المدرسة. البيت بثقافتة وآدابه الشعبية والمدرسة بأدبها العربي الفصيح. كأنهما . . جديان متناطحان والتلميذ الذي نشأ في بيئة شعبية ويدرس في مدرسة تقدم الأدب العربي يقف على هذ الخط الذي تتناحر القوتين من أجله. في أحد الصباحات المدرسية الندية سأل المعلم تلامذته الصغار :  من منكم يحفظ أنشودة ؟  فيقفز تلميذ في آخر الفصل ويرفع يده قائلاً :  - أنا . . يا استاذ  الأستاذ : تفضل . التلميذ بنشوة طفولية :  الذيب ما له قذلة هلهليه                يا حظ من له مرقد في حشى الذيب ! تعصف بالفصل موجه ضحك ، ، وتتعالى قهقهات الصغار . . ويحاول المعلم ان يمسك بعنان الحصة قبل أن تفلت من يدة ويأمرهم بالسكوت ، ليسأل التلميذ  - ما معنى هذا البيت ؟  التلاميذ وفي صدورهم يحتبس ما بقي من ضحك :  المعنى في بطن الشاعر . - يجيب التلميذ : هذا البيت يا أستاذ لطفل آخر من توفي من أولاد رجل عاشق  وكان أولاده أشد عشقاً منه ، لدرجة أنهم ماتوا شهداء في بحر الهوى ، فلما ولد له هذا الطفل الشاعر أوصى أمه على أن الا تريه النساء حتى لا يتعلق بهن ويلاق

شارع علاّمة الجزيرة العربية

الأديب حمد الجاسر  لو سألت أي مثقف عربي عن الأديب حمد الجاسر يرحمه الله لأجابك : بأنه علاّمة الجزيرة العربية .  ولكن ولو سألت أحداً من سكان شمال الرياض :  - أين يقع الشارع الذي يحمل اسمه ؟   لما دلك عليه احد ! ولهذه المفارقة حكاية .  فقد كنت أسير بسيارتي في شارع ليلى الأخيلية سابقاً في حي الورود بالرياض ودخلت شارعاً فرعياً  تفاجأت أنه يحمل على كاهله اسم علاّمة الجزيرة العربية حمد الجاسر وشعرت حينها أن الشارع يكاد أن يئن من وطأة الحمل الكبير لو قدر له أن يشعر ويعبّر .  وصرخ بأعماقي صوت مدوّى يحتج على إطلاق اسم كبير على شارع صغير .  صمتْ لحظة ،، استعداداً للرد على هذا الصوت الذي يباغتني بأسئلته المحرجة كأنه طفل في مرحلة تكون الوعي واجيبه : - هذا الشارع سمّي بعدما سكن العلاّمة دارة المسماة "دارة العرب" التي تقع في هذا الشارع فتمت التسمية ، أي أن السكن سابق إطلاق الاسم  كما أعرف .  يواصل حواره : حتى لو . . وهل مثلاً ليلى من الأهمية بمكان أن يكون لها شارع رئيسي يتفرع منه شارع صغير يضيق باسم العلامة .  أرد : ولكنهم غيروه .  يعاود : حتى لو . 

نصفها المفقود

أحلام البنات بين الحصان الأبيض والمرسيدس الأسود  تبحث عنه . . ولا تجده  ويبحث عنها . . فلا يجدها  ويبقى كل منهما ضالة الآخر المنشودة  ويستمر البحث عن النصف الآخر ليظل الهم المسيطر على تفكير كل منهما دون أن يمسك احدهما بالخيط السحري الذي يربطه بذلك الذي يحسه ولا يراه إلا طيفا يغريه فعلى مواصلة البحث والتفتيش .  انهما يشبهان سفينة بلا ربان ، تمخر البحر وتصادم أمواجه المتلاطمة لا تعلم أين اتجاهها . . ولا أين مرساها . تجري بها الرياح حيث تشاء .  قد تقترب من المرسي الذي ينتظر قدومها بكل حرارة ولكن سرعان ما تستسلم لتيار مضاد لمسيرها فيرجعها من حيث أتت .  وتظل هي في الانتظار . . وهو في حيرة الاختيار  لا يعلم أين هي . . ولا تعلم أين هو . ويتأمل كل منهما قصة نزول آدم وحواء إلى الأرض أين نزل كل منهما . . وكيف التقيا؟  ولكن أدم وحواء كانا في الجنة ثم اخرجا منها ، وهم على موعد لقاء في الأرض فكافحا حتى توجا كفاحهما بلقاء كان ثمرته عمارة الأرض .  أما هم فلم يسبق لهم رؤية بعضهم من قبل .  كل ما في الأمر ، انها تشكلت ملامح شخصية كل منهما في مخيلة الأخر حتى لو ان الله حباهما مو

مارد الإبداع

في غفوة روحية  اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها  . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به  واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أنه كنز ثمين ! 

الواتس قتل شاباً وطلق إمرأة

الواتسآب قتل شاباً وطلق إمرأة لا احب الانضمام كثيراً  الى مجموعات الواتسآب الا ما تقتضيه الضرورة ولكني اقرأ وأسمع عن قصص خلافات يتسببها بين الاشخاص واغلبها بسبب سوء فهم .  لأن الواتس يحمل حواراً كتابياً بطيئاً وجامداً  بدون مشاعر او لغة جسد بما فيها العيون لذلك دائماً يحتاج الى ايضاح وتصحيح او تبرير احياناً او اعتذار ، فضلاً على انه معرض للأخطاء المطبعية القاتلة. وبقدر ما هو نعمة في تيسيره التواصل بين الناس الا انه قد يتحول الى نقمة على المجتمع حينما يصبح مطية سهلة وسريعة لنشر الاكاذيب والاشاعات المحسنة ب "كما وصلني" ولان السبق ميزة اخبارية فقد يتسرع المرسل في نقل المحتوى قبل ان يصل من غيره  دون التحقق من صحته . لذلك فهو من اكثر الوسائل حاجة الى نشر ثقافة الوعي بكيفية التعامل من خلاله وتقنين استخدامه.  فهو مثل الحاجز الزجاجي برشة ماء او بخة عطر تغبش الرؤية وتضطرب المشاعر فتختلف اتجاهات الحوار وتتصادم النفوس او تنكسر الخواطر.   فبسببه ثار مراهق على قريبه وقتله لأنه حذفه من القروب وبسببه ايضاً طلق زوج زوجته على أثر غلطة مطبعية اساءت له امام قروب العائلة ولم ت