التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حكاية في الكتابة والتدوين.

في مطلع عام 2012م توقفت بشكل مفاجئ  الصحيفة الورقية التي اكتب بها "شمس" وكانت صدمة وغروب حلم في بداية إشراقه  فلملمت اوراقي مبللة بدموع القلم الزرقاء وجمعتها في مؤلف سميته "غروب الشمس، وداعا للصحافة الورقية" وكتبت في مقدمته: 

( لا القمر ولا النجوم يعوضاني غياب الشمس، لذا سأنتظر شروق صباح جديد)

ورحلت ابحث عن حلم يأويني ويحقق طموحات قلمي في الكتابة والتواصل والتفاعل وماهي الا أشهر حتى وجدت في الفضاء الرقمي منصات نشر تفاعلية مثل فيسبوك وتويتر، وبدأت اكتب وانشر وافتح لقلمي صفحة جديدة، وقد كنت انشر في الزمن الورقي تحت شعار؛ سر ياقلم ثم تحولت مع المرحلة الرقمية إلى شعار آخر يتوائم مع المرحلة وهي غرد ياطير حيث استبدلت القلم بالكيبورد معبرا عن مرحلة تغريد العصفور الذي كان مسجونا في قفص رقيب المؤسسات الرسمية ثم انطلق في فضاء اكثر رحابة ولكنه يتطلب رقابة ذاتية وحرص وأنتباه اكثر لكي تبقى في المسار المعتدل بين المجازفة والمحافظة وأزعم أنني سلكت طريقا يبسا بعيدا عن منزلقات المستنقعات وسرعان مادخلت الجو الرقمي، وألفت منشوري الأكتروني الأول ؛ تغريدات الفجر الجديد الذي يدور حول أثر التغيرات الإعلامية على الشباب وما صاحبها من أزمات سياسية في العالم العربي واستمريت بالنشر في المنصة الأكثر تأثيرا خليجيا تويتر،  وبينما انا كذلك اغرد تغريدات قصيرة لا تتجاوز 140 حرف حتى بزغ نجم التدوين وظهرت لنا مدونات الجزيرة مبشرة بمرحلة نشر مبتكرة واضافت انها مستقبل النشر العربي والوسيلة المفضلة لدى الجيل الصاعد حيث انها الاكبر مساحة لطرح القضايا ومناقشة الأفكار مدعومة من قناة اخبارية مؤثرة فسجلت في تطبيقها وحصلت على فرصة النشر لديهم وقد كتبت ثلاث تدوينات فقط في مواضيع مختلفة وواجهت بعض العقبات التي تجاوزتها بصبر ودبلوماسية تتعلق بأختلاف التوجهات الفكرية وما ان تحركت القافلة حتى عصفت بها الأزمة الخليجية فتقطعت أواصر النت وحجب النشر، وبينما انا احاول إعادة ترتيب اوراقي وصلتني رسالة على بريدي الإلكتروني من القسم العربي في مدونات بلوجر بها رابط مدونة بنفس اسم المستخدم الذي كنت أنشر به على مدونات الجزيرة، فأحترت من هذه العملية التي تشبه النقل من منصة تدوين إلى أخرى وكأنها بتقنية الذكاء الاصطناعي وبقيت متحفظا فترة حتى تأقلمت مع هذا التغيير واستأنفت التدوين شيئا فشيئا حتى تحرك القطار مرّة أخرى وسار بأتجاه المحطة التي حددتها فوجدت نفسي وقد كتبت حوالي مائة تدوينة متنوعة المواضيع ومختلفة الأحجام، ومع تواصلي مع الاصدقاء المختصين نصحوني بنقل مدونتي المجانية في بلوجر إلى منصة التدوين الإحترافي مدفوعة الثمن وورد بريس ففعلت ولكنها لم ترق لي فأحتفظت بنسخة بلوجر تحسبا للعودة في أي وقت وبالفعل بعد فترة قصيرة رجعت بعد ان رأيت أيقونة مدونة وورد بريس على شاشة هاتفي المحمول وقد تلونت بألوان قوس قزح !  في تظاهرة عالمية مقرفة فحذفتها فورا، ورجعت إلى بلوجر وطورتها ثم صنفت تدويناتها ما بين طويلة كقصص وحكايات وقصيرة مختزلة كتعليقات صحافية ويوميات رأيت أنها تتناسب مع حجم شاشة جهاز الاتصال وأسميتها مقال الجوال عرض المدونة الذي لا يتجاوز عدد كلماته 100 كلمة مصحوبة بصورة لجذب انتباه القارئ ولسهولة نشرها في منصات التواصل الاجتماعي مثل X وواتساب والتلجرام وفيسبوك وقد حققت لي مساحات نشر واسعة ومنتشرة، ولحبي للاكتشاف وخوض التجارب فقد نشرت تدوينات على منصات عديدة مثل رقيم وحسوب وكورا وقد خدمتني في قدرتها على نشر تدويناتي وتعريف محركات البحث بها وزحف عناكبها الخوارزمية وقدرتها على الأستخدام الأمثل لأداة السيو SEO وبما يتوافق مع معايير ودلالات الكلمات المفتاحية والتي لا أجيدها كمدون شخصي ولو أجدتها وحققتها في مدونتي الشخصية لربما حققت انتشار أكثر، بقي الخطوة ما قبل الأخيرة التي قمت بها لدعم حضور كتاباتي في فضاء المحتوى العربي وهي جمع ما رأيته متميزا ووضعته في مؤلف رقمي بعنوان حكايات سر ياقلم ورفعته على منصات بيع الكتب الرقمية مثل متصفح  كندل أمازون وكوبو وقارئ جرير بسعر زهيد لا يقارن بتكلفة الكتب الورقية، وقد كسبت من النشر الرقمي قراء من مشارق الأرض ومغاربها ورغم تباعد المسافات الا اننا اقرب إلى بعض من ضغطة زر في لوحة مفاتيح الجهاز الرقمي الذي نتواصل من خلاله.

وأخيرا حطت بي الرحال على صفحات:

https://www.arabicmagazine.
net/Arabic/articleDetails.aspx?Id=9853 
التي تصدرها وزارة الثقافة وهي مجلة ورقية ورقمية في آن واحد، ومن مميزات النشر بها انها تمنح الكاتب بعدا رصينا يساهم في دعم انتاجه وتوثيقه ويزيد من موثوقيته وقيمته الأدبية بصفتها أحد واجهات الثقافة السعودية.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مارد الإبداع

في غفوة روحية  اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها  . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به  واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أنه كنز ثمين ! 

قصص من الصحافة

عنوانها جمال خاشقجي "بيني وبين الصحافة قصص ومواقف لا تنسى نوافذ مفتوحة وأبواب مؤصدة  " اولها مع الشاعر طلال الرشيد صاحب الفواصل الجميلة حينما نشر فريقه الصحفي مقالة لي بذكر أسمي الأول فقط "هزاع" وتبين بعد النشر ان الخطأ حقق إثارة ورغبوا ان استمر به واختلفنا وانصفني يرحمه الله بتنويه باسمي كاملاً بالعدد الذي بعده ثم توقف المسار بعد هذا الأختلاف. وليس آخرها إيميل من رئيس تحرير صحيفة الوطن جمال خاشقجي رداً منه يرحمه الله على موضوع بيننا لم يكتمل ، بعد إطلاعه على نماذج من مقالاتي قائلا؛  اهلاً بك "ربما تكون صحفي اختفى بين اوراق العمل الحكومي" وكنت وقتها مديراً في منطقة عسير  ومنها أكتشفت ان هناك معايير تنبع من رغبات وأنتماءات تشبه المتعارف عليها في الصحافة الرياضية ان الكاتب لابد ان يكون له ميول للنادي المفضل لخط الصحيفة.  ولم تمضي أشهر حتى التحقت بصحيفة شمس كاتباً اسبوعياً وانتقلت عملياً الى منطقة جازان وقد واجهت بعض التحفظات الاجتهادية على ما اكتب من ادارتي التي تكبح احياناً إثارة قلمي غير ان الصحيفة غربت وهي في أوج توهجها. وبقيت كلمة خاشقجي تضغط ع

ما هذا الحب ؟

الأبل من المخلوقات التي امرنا الله ان نتفكر بها فهي مدهشة من كل ابعاد تكوينها بدناً وشعوراً وتملك جاذبية لا متناهية تحن لصاحبها ولمواطن رعيها وتشتاق وتتألم وتسيل مدامعها ٠ سأروي قصة من مزرعتنا بعد ان استوطنتها أبلنا حيث تغيرت  وبلا مبالغة اصبح فيها حيوية لم نعهدها قبلها . ومن الطرائف ان العمالة اخذوا تدريجياً يهتمون بالأبل على حساب اهمال النخيل ولا حظنا ذلك وحاولنا ان نكافح هذا الأهتمام ونتابع معهم التركيز على مهامهم الزراعية ولكن دون جدوى وحينما نضغط عليهم صاروا يهتمون من الزرع ما فيه فائدة للأبل ! وخلال السنين تغيرت جنسيات العمالة ولم يتغير الميول الطاغي للأبل وكلما جاء عامل جديد حاولنا ان ندمجه في عمله الزراعي ثم سرعان ما يجرفه تيار الأبل كأنه نسناس بارد يتخلخل بين سموم يوم قائض . قبل مغيب كل يوم يروّح الراعي بالأبل فيهب عمالة المزرعة متسابقين على استقبالها وخدمتها في متعة وحبور تاركين اعمالهم الرئيسية  وحينما نعيش اللحظة نعذرهم ونتفاعل معهم معتبرين ذلك مكافأة نهاية عمل اليوم. - سبحان الله ، ما هذا السحر ؟

وداعا حبيبتي كثيرة الكركرة

منذ سنين   وأنا أحاول، وأحاول وأحاول إلى أن نجحت في إحدى محاولاتي وتخلصت ممن تعاطيت الحب معها مره عابثاً فأسرتني بحبها حتى أدمنته وجري في عروقي مجرى الدم .  -  بين العقل والقلب خصام دائم ينتهي من حيث يبتدئ ليظل أخيراً كمن يدور في حلقة مفرغة تشكل مداراً لحب أحدهما يرفضه . والآخر يخفق له . والميدان نفس لا تطيق الخصام فكيف بها وقد أصبحت ميداناً له . أما أنا فقد وقفت أمام ما أرى طوال السنين الماضية موقف العاجز عن حسم الخلاف بين عقله وقلبه .  وهكذا يبقى الخصام الذي يصل أحياناً حد التصادم قائماً لا يكل ولا يمل . . ولا يأس معه ولا أمل . وكنت أردد دائماً : أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الانتصار . . الانتصار عليها . فتحتج النفس وترفع صوتها : ما ذنبي وما خطيئتي إلا يكفيني مصيبة أن كنت ميداناً لمجانينك المتعنترين لا يتنازل احدهما عن الآخر أو ينتصر فأرتاح وإلى متى ؟ أظل على هذا القلق الذي لا يطاق . .  أبعد كل ذلك أجدك تعظم جهادي والانتصار علي ؟  أرد : لا يا نفسي أنا لا أقصدك بذاتك أنا اقصد أولئك الذين أقلقوك . . وأرهقوك ونقلوا همك إلي ولكن في النهاية هم جزء منك ومما تحتوين من طلاسم لا أف

السوسياسة العربية

 إنتفاضة ضرس ! أحيانا الحدث العابر حينما يتزامن مع ظرف معزز يتحول ألتقاهما إلى حدث مدويّ ويفتح أبوابا لشجون الحديث وهو ما حصل في هذه الحكاية فقد قرأت طرفة تقول: ان احمقاً آلمه ضرسه فذهب الى طبيب الأسنان غاضباً وقال : اخلع كل اسناني الا هذا اتركه وحده زي الكلب ! ضحكت كثيرا حيث صادف ذلك ألماً ضرسياً شرساً يباغتني كل فترة  وكلما زاد الألم كلما اتسعت مساحة العذر مني لذلك الأحمق الذي اتخذ من العناد والتحدي وسيلة لمعالجة المشكلة وقد يكون محقاً لو كان الضرس يعقل ! ولو افترضنا-جدلاً- ان الضرس يعقل لكنت اول من نفذ علاج اخينا الذي لن يكون احمقاً في تلك الحالة فشدة ألم الضرس ومباغتته بالهجوم بين المرة والأخرى تجعلك احياناً تفقد أعصابك وتحمله المسؤلية مباشرة. يضحك الضرس " بعدما افترضنا جدلاً انه يعقل" ويتحدث قائلاً : ان ذلك الأحمق يذكرني بتحميل القيادة الأسرائيلية تصرفات الشعب المغبون قيادته الفلسطينية ويتهمونها بعد كل عملية بتصعيد العنف ، انهم يتجاهلون الفعل ويستنكرون ردة الفعل والمضحك في الأمر ان بعض ابناء جلدتك العربية يصدقون ذلك وبعضهم يتظاهر بالتصديق ويطالبون الجانب المغلوب ع

قصة حب بين اللهجة واللغة

اللغة الثالثة  ثمة خط فاصل بين ثقافة البيت ، وتثقيف المدرسة. البيت بثقافتة وآدابه الشعبية والمدرسة بأدبها العربي الفصيح. كأنهما . . جديان متناطحان والتلميذ الذي نشأ في بيئة شعبية ويدرس في مدرسة تقدم الأدب العربي يقف على هذ الخط الذي تتناحر القوتين من أجله. في أحد الصباحات المدرسية الندية سأل المعلم تلامذته الصغار :  من منكم يحفظ أنشودة ؟  فيقفز تلميذ في آخر الفصل ويرفع يده قائلاً :  - أنا . . يا استاذ  الأستاذ : تفضل . التلميذ بنشوة طفولية :  الذيب ما له قذلة هلهليه                يا حظ من له مرقد في حشى الذيب ! تعصف بالفصل موجه ضحك ، ، وتتعالى قهقهات الصغار . . ويحاول المعلم ان يمسك بعنان الحصة قبل أن تفلت من يدة ويأمرهم بالسكوت ، ليسأل التلميذ  - ما معنى هذا البيت ؟  التلاميذ وفي صدورهم يحتبس ما بقي من ضحك :  المعنى في بطن الشاعر . - يجيب التلميذ : هذا البيت يا أستاذ لطفل آخر من توفي من أولاد رجل عاشق  وكان أولاده أشد عشقاً منه ، لدرجة أنهم ماتوا شهداء في بحر الهوى ، فلما ولد له هذا الطفل الشاعر أوصى أمه على أن الا تريه النساء حتى لا يتعلق بهن ويلاق