التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأحلام لا تشيب

الأحلام . . لا تشيب


‎الأحلام ألوان الحياة . .
وزخرفها
. . والحياة مجموعة رسومات تخطها الأقدار باسم الظروف أو الإمكانات أو أي شيئاً آخر قد لا تتحكم به إن لم يساعدك أحد على توفيره في حياتك . .
أنها مؤثرات فعالة تحدد اتجاهاتك الحالمة .
 غير أن ما يمكن أن تتحكم به بشكل أسهل هو اختيار ألوان تلك الرسوم  وزخرفتها .

فقد تجد رسماً جميلاً ولكن ألوانه غير متناسقة أو حتى باهتة وقد تجد آخر أقل جمالاً ولكن صاحبه أبدع في اختيار ألوانه حتى غدى صورة تسرق النظر وتلفت الانتباه فالحياة بدون حلم هي رسم بلا لون والمتفائلون في الحياة هم الذين يستطيعون تلوين أحلامهم وتحويلها إلى لوحات فنية وكلما اكتملت لوحة وضعها في برواز الذكرى وعلقها على أحد جدران ممرات حياته أما التي لا تكتمل أو لا تتحقق لسبب ما فلابد أن تدفن في مقبرة الأعماق محاولاً نسيانها ولكن الذكرى قد تستخرج الحلم في لحظة استرجاع فبعضها حينما تتذكره تتحسر على موته كما لو أنه صديق عزيز رحل عنك وترك رحيله فراغ مؤلم في حياتك والبعض الآخريمر أمامك مرور الكرام .
وأجمل الأحلام ما لم يتحقق إلا بعد جهد متواصل  وزمن طويل وإمكانيات قوية  وتضحيات غالية يأتي بعدها تحقيقه ثمره ناضجة تنسينا تعب الركض المستمر والعمل الدؤوب ، أما إذا تحقق بعد وقت قصير وجهد فقير فإنه سرعان ما يتحول إلى شيء رخيص كأنه أقل من مستوى التطلعات فنتركه ونواصل الركض باتجاه بريق حلم آخر يجابه قوة التحدي الدينا ويصارعنا ويتمنع عنا كأنه حورية كلما حاولت الاقتراب  منها ابتعدت قليلاً . . وهكذا  إلى أن يستنزف الحلم طاقتا حد استنفاد الصبر ، ثم يخر مهزوماً ويستسلم لقبضة الواقع وهنا تكمن سر روعة الأحلام وطعم الانتصار عليها .
كنت اقف امام  المرآة كأنني اتفقده فلاحت لي عن كثب بياض شيبة تقتحم سواد لحيتي فقمت بحركة لا إرادية بمحاولة إخفائها ودسها في السواد المحيط ثم رجعت أبحث عنها حتى انتشلتها مرة أخرى كأنها غريقة بين الأمواج ثم أعود وأغرقها فأنتشلها وهكذا دواليك حتى أخذت أضحك على نفسي من ارتباكتها الأولى من المشيب وأحاول أعزيها بالقول ما يضرني شيبة واحدة ولكن بعد فترة أصبحت أقول وما يضرني شيبتين ثم أزيد وما يضرني ثلاث . . فأربع . . وأخذ العدد يتزايد حتى لم اعد احصي وصدح في ذاكرتي السمعية صوت أبو بكر سالم مجلجلاً :

مضى كل الزمن ا وأنا في مكاني    
  غزاني الشيب فاتتني الأماني

أنتبه لنفسي . . وأعود لأيامي أحاسبها ما قدمت لي وما قدمت لها كم وأدت من حلم وكم ربت ، ألتفت إلى الوراء فأرى أحلام الطفولة البريئة وأحلام المراهقة المتمردة وأحلام بداية الشباب الجريئة وأحلام الرجولة الواقعية فلكل مرحلة عمرية أحلامها.
 الأهم من كل ذلك أن لا نندم على ما فات . فقد نخسر حلماً في مرحلة معينة وقد يهددنا الإحباط جراء خسارته ولكن مع مرور الأيام نكتشف قيمته الحقيقية العادية أو عدم جدواه في إضافة لون جميل لحياتنا أو أنه أصلا لون باهت لا يستحق الركض خلفه وحتى قد يشوه الجزء الذي يستوطنه من مساحة الأحلام في نفوسنا . ولو قدر لأحد أن يتنازل عن بعض أحلامه التي حققها لتنازل عنها لأن وعيه تجاوزها أو زمنه قلل له من أهميتها للمستقبل . فكل حلم يجب أن ينقلك إلى حلم آخر يقدمك خطوة للأمام كأنها سلسله أو مستويات يتقدم بعضها على بعض كما لو أنك ترتقي على سلم خطوة . . خطوة إلى أن تصل إلى نهاية المطاف .
أكثر ما يعيق تحقيق الأحلام إضاعة الفرصة تلو الأخرى وما أكثرها في حياتنا . فالفرصة لا تأتي إلا مرة واحدة قد لا تتكرر أن لم تقتنصها في حينها حثت على وجهك تراب الحسرة ثم ذهبت غير آسفة عليك . لأنها ترى أنك لا تستحقها لأنك أرخصتها ولم تعتني بها فأكثر الناس حسرة أكثرهم تفويتاً للفرص وأكثرهم بهجه من يحتضنها وقت إقبالها عليه أنها نعمة من جهة  ونقمة من جهة أخرى نعمة حينما تستثمر ونقمة عندما تهمل لأنها لا ترحم من لا يقدر مجيئها له . أنها لا تكتفي بتعذيبه بأنها فاتت عليه بل تتجاوز ذلك بأن تختبئ في ذاكرته فكلما سنحت له أحد بنات جنسها باغتته بالظهور وأربكته ثم قتلت فرحته ما لو حققها  أنها تغار حينما يستمتع بغيرها إنها تريده أن يتحسر عليها كأنها الوحيدة في حياته إلى أن يشيب بل إلى أن يموت وحينها تنتصر وتشفي غليلها بأنها أثمن لحظات عمره المدفون . . أنها ليست فرصة العمر إنها أنثى تنتقم ممن تقذفها رياح الأقدار في أحضانه فلا يحتويها.
 إن كل فرصة تضيع إنما هي بياض في شعر الحلم الذي لا يشيب.
 ولكن الأجمل من كل ذلك هو صناعه الفرصة وتهيئة الأجواء المناسبة لظهورها ثم الاستمتاع باقتناصها.
في يوم ما تجاوز الشيب حالة القلق فلم أعد أعيره اهتمامي بل أراه لوناً جديداً أو خياراً ثانياً لمن يفضلون الخيارات المتعددة  ولكنني كنت على يقين من أنه حد فاصل بين مرحلتين من العمر غير أنه لا يقدم ولا يؤخر في مسيرة الأحلام والأماني في الحياة فالشخص هو الذي يشيب روحه أو يشببها بدرجة إحساسه بالحياة ومستوى لمعان الأحلام في عينيه  فالحلم في حد ذاته مؤشر على حيوية الحياة وحتى حينما يشعر الإنسان أن العمرقد لا يسعفه في تحقيق أحلامه أو أنه لم يستطع لأي سبب كان من تحقيق ما بريد فإنه قد يواصل أحلامه من خلال من يأتي بعده وكثيراً ما نرى أن الأب يصر على أن يكون ابنه صاحب مهنة محددة أو في مستوى معين لأنه لم يتمكن من تحقيقها لنفسه فحاول أن ينقل الحلم إلى من بعده أو أنه حقق ما يريد ولكن عمره لم يستوعب حلمه فأراد أن يتواصل مع الجيل اللاحق وتلك طبيعة بشرية استوقفت ملك الروم كسرى حينما مر على كهل يغرس شجرة فأستغرب طول أمله في الحياة وكيف له أن يأكل من ثمرة غرسه وهو على مشارف الموت وسأله . . وكانت إجابته حكمة خالدة عندما قال : « زرعوا فأكلنا ونزرع فيأكلون » .
إنه يؤسس مشروعاً للمستقبل وليس له
 الزمن ومعه المكان ثنائي أرضية الحلم  ومناخه الزمني وهما العاملان الأكثر تأثيراً في هذه المعادلة حيث أن للأحلام أمكنه وأزمنة إذا تجاوزها الحلم قد يفقد بريقه وفرحة تحقيقه.
وآه من الزمن فكم قتل فرحة احتفالنا بتحقيق أحلامنا حينما يتحقق لك حلما فتتذكر شخصاً غائباً راحلاً كنت تتمنى أن يشاركك لحظات احتفائك بانجازك أو فرحتك فتترحم عليه وتلمع في عينيك دمعه حائرة . . في الظاهر ليس لها مكان وفي الواقع أنه هذا مكانها وكم من شخص تذكر أتراحه  في ليالي أفراحه ومثلة المكان.
 وقد روي عن أحد الشخصيات التاريخية أن أقيم له احتفال مهيب لتحقيقه انجاز كبير لمجتمعه وحينما ذهب إلى مكان الاحتفال لاحظ أن الفتيات يطلن عليه من نوافذ الأبنية التي يمر من خلالها ويسترقن النظر منه وبينما هو غارق في غمره أفراحه التفت إلى أحد المقربين إليه وقال : والله وددت لو أن عجائز - وذكر اسم مسقط رأسه - مكان هؤلاء الصبايا . فبرغم من كل ذلك لم تكتمل لوحة الحلم في مخيلته لأنه أرادها في مكان معين وفي محيط مجتمعه الذي نشأ به وترعرع .
لكن الحلم تحقق له في مكان آخر في مجتمع لا يعرف بداياته العمرية .
هذه هي الأحلام وتلك هي الأيام تنسينا ما فات . . وتتقدم بنا إلى الأمام فاتحة أمامنا مجال تعويض بعض ما خسرناه في الماضي وزيادة الرصيد في تحقيق الأحلام مستقبلاً .

* النص من مجموعتي سر يا قلم . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص من الصحافة

عنوانها جمال خاشقجي "بيني وبين الصحافة قصص ومواقف لا تنسى نوافذ مفتوحة وأبواب مؤصدة  " اولها مع الشاعر طلال الرشيد صاحب الفواصل الجميلة حينما نشر فريقه الصحفي مقالة لي بذكر أسمي الأول فقط "هزاع" وتبين بعد النشر ان الخطأ حقق إثارة ورغبوا ان استمر به واختلفنا وانصفني يرحمه الله بتنويه باسمي كاملاً بالعدد الذي بعده ثم توقف المسار بعد هذا الأختلاف. وليس آخرها إيميل من رئيس تحرير صحيفة الوطن جمال خاشقجي رداً منه يرحمه الله على موضوع بيننا لم يكتمل ، بعد إطلاعه على نماذج من مقالاتي قائلا؛  اهلاً بك "ربما تكون صحفي اختفى بين اوراق العمل الحكومي" وكنت وقتها مديراً في منطقة عسير  ومنها أكتشفت ان هناك معايير تنبع من رغبات وأنتماءات تشبه المتعارف عليها في الصحافة الرياضية ان الكاتب لابد ان يكون له ميول للنادي المفضل لخط الصحيفة.  ولم تمضي أشهر حتى التحقت بصحيفة شمس كاتباً اسبوعياً وانتقلت عملياً الى منطقة جازان وقد واجهت بعض التحفظات الاجتهادية على ما اكتب من ادارتي التي تكبح احياناً إثارة قلمي غير ان الصحيفة غربت وهي في أوج توهجها. وبقيت كلمة خاشقجي تضغط ع...

مارد الإبداع

في غفوة روحية  اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها  . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به  واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أن...

نصفها الآخر.

أحلام البنات بين الحصان الأبيض والمرسيدس الأسود  تبحث عنه . . ولا تجده  ويبحث عنها . . فلا يجدها  ويبقى كل منهما ضالة الآخر المنشودة  ويستمر البحث عن النصف الآخر ليظل الهم المسيطر على تفكير كل منهما دون أن يمسك احدهما بالخيط السحري الذي يربطه بذلك الذي يحسه ولا يراه إلا طيفا يغريه على مواصلة البحث والتفتيش .  انهما يشبهان سفينة بلا ربان ، تمخر البحر وتصادم أمواجه المتلاطمة لا تعلم أين اتجاهها . . ولا أين مرساها . تجري بها الرياح حيث تشاء .  قد تقترب من المرسي الذي ينتظر قدومها بكل حرارة ولكن سرعان ما تستسلم لتيار مضاد لمسيرها فيرجعها من حيث أتت .  وتظل هي في الانتظار . . وهو في حيرة الاختيار  لا يعلم أين هي . . ولا تعلم أين هو . ويتأمل كل منهما قصة نزول آدم وحواء إلى الأرض أين نزل كل منهما . . وكيف التقيا؟  ولكن أدم وحواء كانا في الجنة ثم اخرجا منها ، وهم على موعد لقاء في الأرض فكافحا حتى توجا كفاحهما بلقاء كان ثمرته عمارة الأرض .  أما هم فلم يسبق لهم رؤية بعضهم من قبل .  كل ما في الأمر ، انها تشكلت ملامح ش...

وداعا حبيبتي كثيرة الكركرة

منذ سنين   وأنا أحاول، وأحاول وأحاول إلى أن نجحت في إحدى محاولاتي وتخلصت ممن تعاطيت الحب معها مره عابثاً فأسرتني بحبها حتى أدمنته وجري في عروقي مجرى الدم .  -  بين العقل والقلب خصام دائم ينتهي من حيث يبتدئ ليظل أخيراً كمن يدور في حلقة مفرغة تشكل مداراً لحب أحدهما يرفضه . والآخر يخفق له . والميدان نفس لا تطيق الخصام فكيف بها وقد أصبحت ميداناً له . أما أنا فقد وقفت أمام ما أرى طوال السنين الماضية موقف العاجز عن حسم الخلاف بين عقله وقلبه .  وهكذا يبقى الخصام الذي يصل أحياناً حد التصادم قائماً لا يكل ولا يمل . . ولا يأس معه ولا أمل . وكنت أردد دائماً : أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الانتصار . . الانتصار عليها . فتحتج النفس وترفع صوتها : ما ذنبي وما خطيئتي إلا يكفيني مصيبة أن كنت ميداناً لمجانينك المتعنترين لا يتنازل احدهما عن الآخر أو ينتصر فأرتاح وإلى متى ؟ أظل على هذا القلق الذي لا يطاق . .  أبعد كل ذلك أجدك تعظم جهادي والانتصار علي ؟  أرد : لا يا نفسي أنا لا أقصدك بذاتك أنا اقصد أولئك الذين أقلقوك . . وأرهقوك ونقلوا همك إلي ولكن في النهاية هم جزء م...

القبيلة في المجتمع المدني.

م منذ اكثر من عشر سنوات والنفس القبلي يرتفع في المجتمعات  الخليجية حتى اصبحت القبائل اشبه ما تكون بالأندية الرياضية واصبحت العوائل التي لم تكن تظهر انتماءها القبلي تمدناً تتفاخر في هذا الوقت بأنتمائها للقبيلة . عوامل كثيرة ادت الى ثورة القبيلة في المجتمع الذي يفترض ان يكون مدنياً في ظل انظمة الدول الحديثة في الخليج القائمه منذ حوالي قرن من الزمن . ومن اكثر هذه العوامل تأثيرا هي مسابقات الشعر وتصويت الفزعة ومنافسات مزاين الأبل في ظل سهولة وسرعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تشعل الحمية القبلية بسرعة اشتعال  النار في الهشيم . فمشروع المجتمع المدني في الخليج هو محض خيال  او مثالية زائفة فالمجتمع  على مدى العقود الماضية الهادئة لم يعمل بشكل جاد في بناء مؤسساته المدنية  التي تعزز مقومات المواطنة  وتكافؤ الفرص بل وجدنا اختلافاً في توثيق انتمائاتهم في السجلات الرسمية بين ما هو قبلي وما هو عائلي ولا زال هذا التصنيف باقياً الى اليوم في اغلب الدول الخليجية حتى انك لتجد مواطناً من قبيلة يطابق اسمه مواطناً آخر من نفس القبيلة في دولة اخرى . وبناء على هذا ال...

السوسياسة العربية

 إنتفاضة ضرس ! أحيانا الحدث العابر حينما يتزامن مع ظرف معزز يتحول ألتقاهما إلى حدث مدويّ ويفتح أبوابا لشجون الحديث وهو ما حصل في هذه الحكاية فقد قرأت طرفة تقول: ان احمقاً آلمه ضرسه فذهب الى طبيب الأسنان غاضباً وقال : اخلع كل اسناني الا هذا اتركه وحده زي الكلب ! ضحكت كثيرا حيث صادف ذلك ألماً ضرسياً شرساً يباغتني كل فترة  وكلما زاد الألم كلما اتسعت مساحة العذر مني لذلك الأحمق الذي اتخذ من العناد والتحدي وسيلة لمعالجة المشكلة وقد يكون محقاً لو كان الضرس يعقل ! ولو افترضنا-جدلاً- ان الضرس يعقل لكنت اول من نفذ علاج اخينا الذي لن يكون احمقاً في تلك الحالة فشدة ألم الضرس ومباغتته بالهجوم بين المرة والأخرى تجعلك احياناً تفقد أعصابك وتحمله المسؤلية مباشرة. يضحك الضرس " بعدما افترضنا جدلاً انه يعقل" ويتحدث قائلاً : ان ذلك الأحمق يذكرني بتحميل القيادة الأسرائيلية تصرفات الشعب المغبون قيادته الفلسطينية ويتهمونها بعد كل عملية بتصعيد العنف ، انهم يتجاهلون الفعل ويستنكرون ردة الفعل والمضحك في الأمر ان بعض ابناء جلدتك العربية يصدقون ذلك وبعضهم يتظاهر بالتصديق ويطالبون الجانب المغلوب ع...

قصة حب بين اللهجة واللغة

اللغة الثالثة  ثمة خط فاصل بين ثقافة البيت ، وتثقيف المدرسة. البيت بثقافتة وآدابه الشعبية والمدرسة بأدبها العربي الفصيح. كأنهما . . جديان متناطحان والتلميذ الذي نشأ في بيئة شعبية ويدرس في مدرسة تقدم الأدب العربي يقف على هذ الخط الذي تتناحر القوتين من أجله. في أحد الصباحات المدرسية الندية سأل المعلم تلامذته الصغار :  من منكم يحفظ أنشودة ؟  فيقفز تلميذ في آخر الفصل ويرفع يده قائلاً :  - أنا . . يا استاذ  الأستاذ : تفضل . التلميذ بنشوة طفولية :  الذيب ما له قذلة هلهليه                يا حظ من له مرقد في حشى الذيب ! تعصف بالفصل موجه ضحك ، ، وتتعالى قهقهات الصغار . . ويحاول المعلم ان يمسك بعنان الحصة قبل أن تفلت من يدة ويأمرهم بالسكوت ، ليسأل التلميذ  - ما معنى هذا البيت ؟  التلاميذ وفي صدورهم يحتبس ما بقي من ضحك :  المعنى في بطن الشاعر . - يجيب التلميذ : هذا البيت يا أستاذ لطفل آخر من توفي من أولاد رجل عاشق  وكان أولاده أشد عشقاً منه ، لدرجة أنهم ماتوا شهداء في بحر ال...