شيئاً من السيرة
أمضيت اجمل سنين عمري على اطراف وطني
كأنني اريد ان اكتب قصة حب بقلمي فخطتها اقدامي.
في عام ١٤٢٠هـ انتقلت من جمرك مطار الملك خالد الدولي الرياض بعد ان تخرجت من برنامج الإدارة الجمركية للجامعيين في معهد الإدارة العامة وتوجهت الى منفذ البطحا الحدودي مع دولة الإمارات وعملت هناك حوالي تسع سنوات من اصعب واجمل سنين حياتي ، صعوبات وعقبات يتخللها ايام جميلة وذكريات لا تنسى ومواقف اضاءت لي طريق الحياة واكتشاف مناطق لولا العمل ما ذهبت اليها جهلاً بها او عجزا مثل واحة الإحساء التي اراها من أجمل الحواضر السعودية بنخيلها ومروجها الخضراء واسواقها التاريخية فهي وجة سياحية والذي لا يعرف الأحساء ولم يزرها ينقصه معرفة السعودية فضلاً على انها ملتقى ثقافي خليجي .
خلال تلك السنين تعلمت الكثير واعتقد انني ساهمت من خلال عملي من صد عمليات تهريب كبيرة واستفدت من نظام مكافأت الجمارك لكثرة الضبطيات وكنا نفرح كثيراً بضبط ارساليات الخمور لأن مقابلها مجزي ويتجاوز رواتب سنين عدة حسب كمية المضبوطات ولا زلت اذكر ممازحتي لوالدتي يرحمها الله حينما ازورها بالرياض واحكي لها منجزات العمل من ضبطيات الخمور والمخدرات واقول لها : ادعي لي ان الله يرزقني بحاوية خمور ! فترد علي بقولها : لا ان شاء الله ، واضحك منها وأوضح لها مقصدي ان احبط عملية تهريب خمر فتقول: الله يسلطكم عليهم.
في آخر ثلاث سنوات من عملي في مدرسة البطحا الأدارية ترقيت الى مساعد لمدير عام الجمرك .
في اواخر عام ١٤٢٨ هـ تم ترشيحي مديراً لجمرك علب في منطقة عسير وترددت كثيراً لعدم معرفتي بالمنطقة وبعد المسافة ولكني استخرت ووافقت وباشرت العمل في مطلع عام ٢٩ وذهبت لها جواً عن طريق مطار نجران ومنه براً الى محافظة ظهران الجنوب التي تقع في الجنوب الشرقي من منطقة عسير حيث يقع منفذ علب على الحدود مع اليمن.
وهناك قضيت سنتين حبلى بالأنجازات بجهود الزملاء واستقريت بعائلتي في ظهران الجنوب التي تبعد عن المنفذ حوالي ١٨ كم وكدت ان ابقى هناك لما وجدته من راحة واستقرار ومناخ جميل وجيرة حسنة حتى كأني وابنائي اصبحنا من اهل ظهران الجنوب.
ولكن الأيام الحالمة لا تدوم فقد صدر التوجية عام ١٤٣١هـ بتعييني مديراً لجمرك الطوال في منطقة جازان الذي يبعد عنا حوالي ٤٠٠ كم .
باشرت العمل هناك وانتقلت بأسرتي الى محافظة صامطة التي بها المنفذ الحدودي مع اليمن ايضاً ومن حسن الحظ انني وفقت للسكن في ضاحية "الجرادية "حيث كأنني في قريتي وبين اهلي ، وهناك اكتشفت طيبة اهل جازان واريحية التعامل معهم ودماثة اخلاقهم.
كان العمل في المنفذ الى حداً ما صعب لكثرة حالات التهريب التي تضبطها الجهات الاخرى على طول الشريط الحدودي ومشاكل المتسللين التي تتعامل معها الجهات الحكومية بشئ من الأنسانية وحسن الجوار مع اليمنيين ولكنها كانت مرهقه لنا قانونياً وتنفيذيا.
ورغم المصاعب الا ان العمل في منفذ الطوال مدرسة تشربت دروسها واختصرت علي الكثير فهو ليس عملاً جمركياً او امنياً او ادارياً فحسب ولكنها تجربة شاملة ومتكاملة ولا اخفي انها غيرتني وصنعت مني شخصاً آخر لأنها تجربة ثرية من جميع جوانبها .
ومن الوقائع الخالدة في ذهني واقعة ضبط مادة الحشيش في مصحفين من القرآن الكريم وقد تأثرت ان يصل دناءة التهريب الى هذا الحد وقد نشرتها الصحف المحلية وتناقلت الخبر وكالات انباء عدة .
وعلى الجانب الآخر كانت رحلة سياحية بين سواحل جازان وجزرها وجبالها وأوديتها.
عدت الى الرياض عام ١٤٣٣هـ وقضيت سنتين واجمل مابها انني استطعت ان ازرع نخيلاً في مزرعتي استعدادا للاستقرار وممارسة هوايتي الثانية بعد الكتابة وتوقعت ان رحلة التنقلات الحدودية قد انتهت وايامها قد انقضت ولم اعلم انه لا زال على الجبين آثار خطى لم تمشى بعد فحطيت رحالي على مضض في منفذ سلوى عام ١٤٣٥هـ التي انفصلت ادارياً عن معشوقتي الإحساء
وتحولت الى محافظة مستقلة اسمها العديد وداومت مترددا منها الى الرياض حيث كبر الابناء وفضلوا البقاء في الرياض .
وبقيت كذلك حتى رجعت اليهم خلال سنة واحدة فقظ وليس جديداً في هذا المنفذ الا انني كنت قريباً من ذكريات البطحا والإحساء وكأنني عايشت المثل الشعري الذي يقول ما الحب الا للحبيب الاول.
استقريت سنتين في الرياض حتى كدت انسى حياة المنافذ او كما يحبذ ان يسميها البعض مزحاً "المنافي"
ولكن الأحداث تفاجئ بمستجداتها فأستدعت الحاجة الى تشغيل منفذ جديدة عرعر بمنطقة الحدود الشمالية مع العراق فوقع الأختيار علي بناء على ما يبدو على قابليتي للتنقل وألفي للترحال ،وقبلت العرض وقلت في نفسي انني مسير ولست مخير والخيرة فيما يختاره الله لي ولعلي اجد ما يفتح لي آفاق اوسع وما شجعني اكثر تزامن اعلان فتح المنفذ رسمياً كبوابة تجارية بين البلدين والتفاؤل بالمستقبل الأقتصادي للعراق واستحسنت ان اشارك وطني في هذه المهمة السامية في أنعاش العراق وعودته للحضن العربي
وباشرت العمل مديرا للمنفذ اواخر عام ١٤٣٨هـ ووجدت امامي اصدقاء قدامى عملنا سوياً في منافذ اخرى من البطحا والطوال ومن خلالهم تأقلمت مع المنطقة ومجتمعها بشكل سريع وحميمي ولا غرابه فأهل الشمال اهل كرم وألفه ومحبتهم قريبة من القلب وسرعان ما أصبحت شمالياً "وسيع صدر" ومن خلال العمل تواصلنا مع الزملاء في المنفذ العراقي وشعرت منهم تعطشهم للسعودية واهلها واستبشارهم بعودتهم الى محيطهم العربي ولكن رياحهم السياسية كانت عكس اشرعة السفن .
بقيت فترة وتلاشى شيئاً فشيئاً حلم التواصل التجاري مع العراق ومعوقات سياستهم تجاهنا حتى سئمت البقاء بدون عمل بعيدا عن الأهل ولم ألبث فترة حتى عدت الى حبيبتي الرياض وخشيت ان تطردني من كثر ماأذهب منها ثم اعود اليها ولكن لأنها ملتقى الوطن وقلبه النابض حضنتني بدفئها وآنستني بصخبها وحشة البعد عن محور حياتي ولكنها بقيت المنافذ اجمل ذكرياتي.
نعم الأخ ونعم الزميل ونعم القيادي الناجح عملت تحت ادارتكم فكان لي الشرف بذلك.. حفظكم الله ورعاكم حيث ما كنتم .
ردحذفانت فعلا نعم الأخ والزميل والقيادي الذى نادر في هذا الزمان ان يوجد مثله وأي موقع تعمل فيه تكون لك بصمه واضحه وشهادتي فيك نابعه من شخص عمل بالقرب منك بحكم اني كنت سكرتيرك الخاص في منفذ الطوال وقد استفذته من خبرتك القياديه كثير ربي يحفظك ويسعدك ويوفقك
ردحذفشكراً بحجم المحبة وقدرك الكبير
ردحذفونعم الرجل ونعم الأب والقائد كنت الطوال قائد وسند ورجل شجاع بكل ماتحمله الكلمه كنت للوطنيه رجل ملهم يقتدي به كنت شديد على أصحاب النفوس الضعيفه من المهربين وكنت للموظف أب وأخ وموجهه وناصح أذكر لك موقف معنا بقسم الاشعه لأحد من الموبايلات علي العمل الجمركي مرت عليه ظبطيه وبفضل الله تم ضبطها بقسم الشؤون الجمركيه بكفر السياره أغلب ما في المنفذ لامه ووبخه الا انت وجهته وشجعته إنها ليست بإرادته وأنه رايح يضبط غيرها وأصعب منها ومامرت الااسبوعين والاوهويضبط 50كيلوا وفي مكان أصعب هذا كله بتوفيق الله وتوجيهكم وقوفكم مع الموظفين وخاصه الجدد على العمل الجمركي
ردحذفمحبك ولدك وتلميذك ولي الشرف فيه هادي جاسر
جمرك الطوال
شكراً لك اخي هادي شكراً على هذا الوفاء غير المستغرب وعاجز والله عن وصف مشاعري الايجابية تجاهك ولكني اسأل الله ان يجزاك عني خير الجزاء وتقبل تحياتي وتقديري
حذفوالنعم فيك ابو سعود وافي وسباق لفعل الخير والجميل وقيادي متألق بطيب أخلاقك وحسن تعاملك ورجاحة عقلك تعلمنا منك الكثير الذي لا نقدر ان ننساه
ردحذفمحبك فيصل ابوساق
ياهلا ومرحبا فيك اخي فيصل ما عليك زود والله يطول عمرك وانت والله من مكاسب تلك المرحلة الجميلة ولا زلت اذكر واشكر لك استقبالك لي في مطار نجران حينما قدمت لأول مرة للجنوب وحفاوتك وضيافتك بوجود والدك الشيخ يحيى رحمه الله وغفر له ، شكراً مراراً وتكراراً.
حذف