التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أئمة الحرمين ملوك وأدباء.

أئمة الحرمين مواهب وناشطين. 
يجهل كثير من الناس جوانب مضيئة من شخصية أئمة الحرمين ويكادون لا يعرفون عنهم الا عملهم الظاهر المتمثل في الإمامة وقراءة القرآن بينما لديهم مواهب ونشاطات اخرى عادة ما يقومون بها وقد تكون هي مهمتهم الأساسية ولكن ضوء الإمامة خطف الأبصار عن بريق الموهبة ، فمنهم الشاعر ومنهم المؤرخ ومنهم الخطاط وهناك الصحافي والطبيب والفلكي وكذلك الرحالة وصائغ المجوهرات والساعاتي ولم يمنعهم انشغالهم بالقرآن والإمامة وطلب العلم الشرعي او تدريسه من الأهتمام بمواهبهم الادبية او مهنهم وهواياتهم بل ساهم في صقلها وتجليها وهذا من بركة القرآن الذي انعكس على تنظيم اوقاتهم واعطاء كل مجال حقه من الرعاية والأهتمام. 
وخلال العهد السعودي الحديث توالى على إمامة الحرمين اكثر من مائتين إمام من مختلف المذاهب والمدارس الفقهية والقراءات المتنوعة وكانت هناك ظاهرة تعددية في المسجد الحرام حيث ان لكل مذهب مقام الحنبلي والشافعي والمالكي والحنفي يصلي فية اتباع كل مذهب على حده. 

وبتوجية من الملك عبدالعزيز اجتمع العلماء من كافة المذاهب عام ١٣٤٥ هـ واتفقوا على دمجها وتوحيد الإمامة واختاروا من كل مذهب ٣ أئمة يتناوبون على إمامة الحرم في مختلف الصلوات بما في ذلك صلاة التراويح في شهر رمضان ، اما صلاة القيام او التهجد في العشر الآواخر فقد كانت تصلى فرادى حتى قام الإمام عبدالله الخليفي في السبعينيات الهجرية بإقامتها جماعة في جانب من الحرم وصلى خلفه عدد قليل وكل سنه يزداد العدد حتى اصبحت تصلى جماعة. 

من أئمة الحرمين ملوك ووزراء منهم الملك سعود الذي أم المصلين في اوقات متعددة في المسجد الحرام ، اولها حينما تشرف بترميم الكعبة المشرفة ١٣٧٤ هـ بحضور رؤساء الوفود الإسلامية للحج وتحت طلب بعضهم استجاب وصلى بهم صلاة المغرب ثم تكررت إمامته في المسجد الحرام في مناسبات دينية عدة وفي مسجد نمرة بمشعر عرفات الحج اعوام ٧٤ و ٧٨. وكان آخرها عام ١٣٧٩هـ ، وكذلك في المسجد النبوي في صلاة الجمعة حينما قدمه إمام وخطيب المسجد عبدالعزيز بن صالح تقديراً وإجلالا له أثناء تشريفه افتتاح توسعة قد أمر بها الملك عبدالعزيز وتم الانتهاء منها عام ١٣٧٧هـ .
وقد أم المصلين ايضاً الملك الفيصل ومن الوزراء حسن آل الشيخ .

من المواقف الجديرة بالذكر والتوقف عندها قصة استخدام مكبرات الصوت اول مرة في المسجد الحرام نظراً لأتساعه و ترامي اطرافه حيث اقتراح الامام عبدالظاهر ابو السمح على المسؤلين ذلك وبعد نقاشات وتردد تمت الموافقة وتم تركيب الأجهزة في موسم حج ١٣٦٦هـ وكان الإمام عبدالظاهر مع الحجاج في منى فأرسل ابنه عبدالرحمن الذي كان ينيبه احياناً في الإمامة ارسله الى خاله محمد عبدالرزاق حمزة يبلغه ان يصلي ويخطب خطبة الجمعه في المسجد الحرام فبحث عبدالرحمن عن الإمام محمد فلم يجده واستدركه الوقت فقام هو بإلقاء الخطبة بالمايكرفون وصلى بالناس فكان اول من استخدم مكبر الصوت في المسجد الحرام ويقال انه حصل جدلاً بين المصلين بين مؤيد للاستخدم ومعارضاً له حيث اعتبره القله انه تجاوزاً على العادات الدينيه. 

كثيرون هم الأئمة الذين تشرفوا بالمهمة ويمكن ان نمر سريعاً على بعض  ذوي الأنشطة الاخرى ونذكر منهم الإمام ابو بكر الجزائري الذي شارك في تأسيس إذاعة القرآن الكريم ومن المطالبين بإنشاء الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة .
وكذلك الإمام عبدالمهيمن ابو السمح الذي كان من أشد المتحمسين لفكرة التضامن الإسلامي قبل ظهورها المؤسسي وايضاً الإمام محمد عبدالرزاق حمزة صاحب اول مرصد فلكي حديث في مكة المكرمة لرصد الأهلة وحساب المواقيت. 
ولا ننسى الإمام عبدالله صدقة دحلان الرحالة الذي جاب العالم الإسلامي وساهم في انشاء عدد من المدارس في كثير من البلدان الأسلامية. 
وأخيراً الإمام الأديب حمد الخطيب مستشار الملك عبدالعزيز ومبعوثه الدبلوماسي الخاص الذي كان يبعثه للإمام يحيى حاكم اليمن وآل الأدارسة .
واذا نظرنا الى هذه النشاطات والمهام التي يضطلعون بها  نجد ان الإمامة عند هؤلاء الأعلام ماهي الا تتويج لمسيرة عطرة مؤثرة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مارد الإبداع

في غفوة روحية  اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها  . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به  واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أنه كنز ثمين ! 

قصص من الصحافة

عنوانها جمال خاشقجي "بيني وبين الصحافة قصص ومواقف لا تنسى نوافذ مفتوحة وأبواب مؤصدة  " اولها مع الشاعر طلال الرشيد صاحب الفواصل الجميلة حينما نشر فريقه الصحفي مقالة لي بذكر أسمي الأول فقط "هزاع" وتبين بعد النشر ان الخطأ حقق إثارة ورغبوا ان استمر به واختلفنا وانصفني يرحمه الله بتنويه باسمي كاملاً بالعدد الذي بعده ثم توقف المسار بعد هذا الأختلاف. وليس آخرها إيميل من رئيس تحرير صحيفة الوطن جمال خاشقجي رداً منه يرحمه الله على موضوع بيننا لم يكتمل ، بعد إطلاعه على نماذج من مقالاتي قائلا؛  اهلاً بك "ربما تكون صحفي اختفى بين اوراق العمل الحكومي" وكنت وقتها مديراً في منطقة عسير  ومنها أكتشفت ان هناك معايير تنبع من رغبات وأنتماءات تشبه المتعارف عليها في الصحافة الرياضية ان الكاتب لابد ان يكون له ميول للنادي المفضل لخط الصحيفة.  ولم تمضي أشهر حتى التحقت بصحيفة شمس كاتباً اسبوعياً وانتقلت عملياً الى منطقة جازان وقد واجهت بعض التحفظات الاجتهادية على ما اكتب من ادارتي التي تكبح احياناً إثارة قلمي غير ان الصحيفة غربت وهي في أوج توهجها. وبقيت كلمة خاشقجي تضغط ع

وداعا حبيبتي كثيرة الكركرة

منذ سنين . .  وأنا أحاول . . وأحاول . . وأحاول إلى أن نجحت في إحدى محاولاتي وتخلصت ممن تعاطيت الحب معها مره عابثاً فأسرتني بحبها حتى أدمنته وجري في عروقي مجرى الدم .  -  بين العقل والقلب خصام دائم ينتهي من حيث يبتدئ ليظل أخيراً كمن يدور في حلقة مفرغة تشكل مداراً لحب أحدهما يرفضه . والآخر يخفق له . والميدان نفس لا تطيق الخصام فكيف بها وقد أصبحت ميداناً له . أما أنا فقد وقفت أمام ما أرى طوال السنين الماضية موقف العاجز عن حسم الخلاف بين عقله وقلبه .  وهكذا يبقى الخصام الذي يصل أحياناً حد التصادم قائماً لا يكل ولا يمل . . ولا يأس معه ولا أمل . وكنت أردد دائماً : أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الانتصار . . الانتصار عليها . فتحتج النفس وترفع صوتها : ما ذنبي وما خطيئتي إلا يكفيني مصيبة أن كنت ميداناً لمجانينك المتعنترين لا يتنازل احدهما عن الآخر أو ينتصر فأرتاح وإلى متى ؟ أظل على هذا القلق الذي لا يطاق . .  أبعد كل ذلك أجدك تعظم جهادي والانتصار علي ؟  أرد : لا يا نفسي أنا لا أقصدك بذاتك أنا اقصد أولئك الذين أقلقوك . . وأرهقوك ونقلوا همك إلي ولكن في النهاية هم جزء منك ومما تحتوين

ما هذا الحب ؟

الأبل من المخلوقات التي امرنا الله ان نتفكر بها فهي مدهشة من كل ابعاد تكوينها بدناً وشعوراً وتملك جاذبية لا متناهية تحن لصاحبها ولمواطن رعيها وتشتاق وتتألم وتسيل مدامعها ٠ سأروي قصة من مزرعتنا بعد ان استوطنتها أبلنا حيث تغيرت  وبلا مبالغة اصبح فيها حيوية لم نعهدها قبلها . ومن الطرائف ان العمالة اخذوا تدريجياً يهتمون بالأبل على حساب اهمال النخيل ولا حظنا ذلك وحاولنا ان نكافح هذا الأهتمام ونتابع معهم التركيز على مهامهم الزراعية ولكن دون جدوى وحينما نضغط عليهم صاروا يهتمون من الزرع ما فيه فائدة للأبل ! وخلال السنين تغيرت جنسيات العمالة ولم يتغير الميول الطاغي للأبل وكلما جاء عامل جديد حاولنا ان ندمجه في عمله الزراعي ثم سرعان ما يجرفه تيار الأبل كأنه نسناس بارد يتخلخل بين سموم يوم قائض . قبل مغيب كل يوم يروّح الراعي بالأبل فيهب عمالة المزرعة متسابقين على استقبالها وخدمتها في متعة وحبور تاركين اعمالهم الرئيسية  وحينما نعيش اللحظة نعذرهم ونتفاعل معهم معتبرين ذلك مكافأة نهاية عمل اليوم. - سبحان الله ، ما هذا السحر ؟

قصة حب بين اللهجة واللغة

اللغة الثالثة  ثمة خط فاصل بين ثقافة البيت ، وتثقيف المدرسة. البيت بثقافتة وآدابه الشعبية والمدرسة بأدبها العربي الفصيح. كأنهما . . جديان متناطحان والتلميذ الذي نشأ في بيئة شعبية ويدرس في مدرسة تقدم الأدب العربي يقف على هذ الخط الذي تتناحر القوتين من أجله. في أحد الصباحات المدرسية الندية سأل المعلم تلامذته الصغار :  من منكم يحفظ أنشودة ؟  فيقفز تلميذ في آخر الفصل ويرفع يده قائلاً :  - أنا . . يا استاذ  الأستاذ : تفضل . التلميذ بنشوة طفولية :  الذيب ما له قذلة هلهليه                يا حظ من له مرقد في حشى الذيب ! تعصف بالفصل موجه ضحك ، ، وتتعالى قهقهات الصغار . . ويحاول المعلم ان يمسك بعنان الحصة قبل أن تفلت من يدة ويأمرهم بالسكوت ، ليسأل التلميذ  - ما معنى هذا البيت ؟  التلاميذ وفي صدورهم يحتبس ما بقي من ضحك :  المعنى في بطن الشاعر . - يجيب التلميذ : هذا البيت يا أستاذ لطفل آخر من توفي من أولاد رجل عاشق  وكان أولاده أشد عشقاً منه ، لدرجة أنهم ماتوا شهداء في بحر الهوى ، فلما ولد له هذا الطفل الشاعر أوصى أمه على أن الا تريه النساء حتى لا يتعلق بهن ويلاق

الواتس قتل شاباً وطلق إمرأة

الواتسآب قتل شاباً وطلق إمرأة لا احب الانضمام كثيراً  الى مجموعات الواتسآب الا ما تقتضيه الضرورة ولكني اقرأ وأسمع عن قصص خلافات يتسببها بين الاشخاص واغلبها بسبب سوء فهم .  لأن الواتس يحمل حواراً كتابياً بطيئاً وجامداً  بدون مشاعر او لغة جسد بما فيها العيون لذلك دائماً يحتاج الى ايضاح وتصحيح او تبرير احياناً او اعتذار ، فضلاً على انه معرض للأخطاء المطبعية القاتلة. وبقدر ما هو نعمة في تيسيره التواصل بين الناس الا انه قد يتحول الى نقمة على المجتمع حينما يصبح مطية سهلة وسريعة لنشر الاكاذيب والاشاعات المحسنة ب "كما وصلني" ولان السبق ميزة اخبارية فقد يتسرع المرسل في نقل المحتوى قبل ان يصل من غيره  دون التحقق من صحته . لذلك فهو من اكثر الوسائل حاجة الى نشر ثقافة الوعي بكيفية التعامل من خلاله وتقنين استخدامه.  فهو مثل الحاجز الزجاجي برشة ماء او بخة عطر تغبش الرؤية وتضطرب المشاعر فتختلف اتجاهات الحوار وتتصادم النفوس او تنكسر الخواطر.   فبسببه ثار مراهق على قريبه وقتله لأنه حذفه من القروب وبسببه ايضاً طلق زوج زوجته على أثر غلطة مطبعية اساءت له امام قروب العائلة ولم ت

الناطق الشعبي .

حوار مع الامثال الشعبية .  المثل الشعبي اصغر ابناء الثقافة العامية والأكثر حضوراً والأقرب نطقاً على ألسنتنا من بقية افراد أسرته العريقة مثل الشعر او القصة او الحكاية فما ان يحاصرك موقف او تريد ان تحاصر موضوعاً او تحتج على أمر او تؤيده إلا وتستنجد به فيلبي نجدتك ويقفز من ذاكرتك على لسانك ناطقاً بكلام مفوّه يختصر عليك حسم القضية التي تشغلك.  وهكذا توارثنا شدّة أثره ورفعة قدرة حتى اصبح عند كثير من الناس من الكلام المسلم به الذي لا يقبل النقاش ولا يجب ان يختلف عليه اثنين وقد دفعني حبي له واعجابي به الى استنطاقه ومحاورته وقد كان لي ما أردت.  فقد كنت اتصفح ذات إطلاع مجلد تراثي يحوى في أعماق اوراقه الصفراء عالم الأمثال الشعبية ففتحته وتجولت به وشممت في داخله رائحة البيوت الطينية ورأيت بيوت الشعر منصوبة على ضفاف رياض الربيع واستمعت إلى أهازيج البحر وحكايات البحارة حيث أن لكل بيئة اجتماعية أمثالها الخاصة . إنه عالم مثير وممتع في آن أرجعني إلى الماضي البعيد بكافة تفاصيله غير أني لاحظت في هذا العالم أمثال بعضها يتعارض مع تعاليم الدين وبعضها تخلف عن الركب فتجاوزه الزمن وثالث كأنه ينطق بلغ