قلمي ، من أحب مقتنياتي إليّ واقربها مني وأصدقها معي. يرافقني اينما رحلت ويحل حيثما حللت ويسكن في ملحق خارجي لثوبي ، ملاصق لقلبي: في جيبي ! انظر اليه كأنه مقياس لنبضات قلبي يضطرب لإضطرابها ويسكن حينما تسكن ،ابوح له بأسراري فيحفظها في اوراقه ، وأبث له همومي فيشاطرني حملها وأوقظه في غسق الليل فيستيقظ ملبي سهري وطاردٍ ارقي، انه ليس مجرد قلم ؛ انه حصان حالم يكاد ان تكون له اجنحة يطير بها في فضاء الخيال ويخطف عرائس الأفكار ويحلق بها بعيدا في الآفاق ويلبسها من بياض السحاب فساتين فرح ويعيش معها اجمل لحظات حبره ومن تفاعلهما تتحول الأفكار الصامته الى كائنات حيّة تسمع وتعقل وتحاور .
في غفوة روحية اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أنه كنز ثمين !
تعليقات
إرسال تعليق