مررت على مدى خدمتي الوظيفية التي تجاوزت عقدين من الزمن بعدد من
المدراء والقيادات الادارية الذين كان لهم الأثر في مسيرتي وحياتي ، فيهم الملّهم
وفيهم الموجّه ومنهم ما دون ذلك الى درجة ان من البعض القليل استفدت من اخطائه
!
سأذكر اولاً قصتي معه ثم سأورد قصص الاخرين الذين روّوها لي مباشرة
او نقلاً عنه.
في مطلع عام ١٤١٦هـ عملت مؤقتاً مفتش جمركي في مطار الملك خالد
الدولي بالرياض ريثما اجد وظيفة رسمية وفي اول شهر اعمل به سقطت يديّ على كمية
مخبأة من الهيروين المخدر في كرتون قدم به راكب آسيوي ، وفهمت ان هذا الكرتون معبأ
مصنعي لذا يجب ان يبلغ به معالي مدير عام الجمارك آنذاك حمد الرشودي وكان وقت
الضبط متأخراً قبيل الفجر فأنتظر المسؤولين حتى بداية الدوام وتم التواصل مع مكتب
معاليه ليصدر التوجيه بضرورة عرضه عليه ربما لأن طريقة التخبئه في جدار الكرتون
السميك تضبط لأول مرة فأخذنا الكرتون برفقه عدد من مسؤولي جمرك المطار وذهبنا الى
مقر مصلحة الجمارك وهناك استقبلنا بحرارة وفخر وأخذ يشيد بجهود الجمارك وقال انتم
العيون الساهرة التي تشارك في حفظ امننا وشرحنا له كيفية الضبط وحيثيات الواقعة ثم
اوضحت له وضعي الوظيفي مؤقتاً واصدر توجيهه الفوري بإلحاقي بالجمارك موظفاً رسمياً
بمرتبة شهادتي الجامعية وأمر بصرف مكافأة ماليه عاجلة وخرجت من مكتبه وكأني أمشي
فوق السحاب من النشوة والاعتزاز بالعمل الجمركي.
ومن المواقف التي تحضرني نقلاً عمن عمل معه موقفه مع الناسخ الذي تم
استدعائه للعمل مساء وهو من جنسية عربية يقول قدمت على اوتوبيس "خط
البلدة" وانهيت المهمة العاجلة واستأذنت مدير مكتبه وانصرفت وانتظرت طويلا
على الشارع حتى خرج على معاليه بسيارته ورآني ثم توقف وطلب مني الركوب لإيصالي
وحاولت ان اعتذر ولكن تحت اصراره ركبت وفي الطريق اخذ يسألني عن وسائل النقل التي
استخدمها للوصول الى عملي يوميا واحياناً مرتين في اليوم في مثل ظرف تلك المهمة
وقبل ان ينزلني عند سكني البعيد تفاجأت بأنه قد جهز لي شيكاً به مبلغ مجزي من
المال وقال : لا يأتي نهاية الاسبوع الا وقد اشتريت سيارة حتى يسهل عليك الوصول
للعمل متى ما طلبناك ، يقول شكرته وفي اليوم التالي اشتريت بجزء من المبلغ سيارة
واستفدت من الباقي في شراء وبيع سيارات اخرى بعد ان استهوتني المهنة واصبحت اقوم
بالتصدير الى بلدي في كل إجازة وهكذا حتى تحولت الى تاجر سيارات.
ويذكر لي احد الذين عملوا معه وكان مسؤولا اعلاميا عما يكتب في الصحف
وتقديم تقرير مختصر يومي يقول وكان من ضمن مهامنا إبلاغه بالوفيات من اجل ارسال
برقيات التعازي وقد فات علي ابلاغه عن وفاة كنت أرى عدم اهميتها في تقديري فلما علم استدعاني ولامني وقال: مرة ثانية لو
يموت {......} اكرمكم الله , بلغني وانا اقرر نرسل تعزية او لا .
***
بعد رحلة بين المنافذ البرية قررت العودة للرياض لظروف كثيرة وقد
طلبت من المسؤولين تقديرها واعادتي الى مكان انطلاقتي الاولى وحاولوا اقناعي
بالبقاء ولكن الظروف تزداد بضغوطها حتى ارغمتني على التمسك بقرار العودة وانا
انتظر النقل جاني الرد صادماً : سنعيدك
ولكن لا تتوقع ان نزيح احد من الهوامير ! ونضعك مكانه.
ورديت باستغراب: لا اريد مكان احد.
وبعد مصطلح "الهوامير" فقدت الثقة في المعايير المهنية
للعمل الاداري وشعرت ان الأمور تدار
بأسلوب هوامير البحر مع الأسماك الصغيرة.
هكذا اوحى لي التعامل وكان يغلب على تلك المرحلة انه يوجد لأكثر من
ادارتين مدير واحد بعضهم قد تقاعد وتم التمديد له ، فكتبت محتجاً
:
الله يستر عليك و يوفقك
ردحذفتحياتي لك
شكراً لك .
حذفموفق خير استاذ هزاع كنت نعم القيادات الجمركية
ردحذفشكراً لك
حذفاتمنى لك التوفيق الجمارك لم تعد جاذبه بل اختطفت وهي نحو الطريق المنحدرة
ردحذفشكراً اخي ، وانا ولله الحمد انتقلت من الجمارك الى وزارة الداخلية واتمنى للجميع التوفيق والسداد .
حذفونعم الرجل يأبو سعود واتمنى لك التوفيق والنجاح.
حذفالله يوفقنا واياك ابوفارس ، سلمت ودمت.
حذف