التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الصحف الورقية تحتضر.

إلا مكة تزدهر. 



لا ادعي انني من اوائل من تنبأ بأفول نجم الصحافة الورقية على الاقل في السعودية والخليج وذلك بعد احتجاب صحيفة شمس عام ٢٠١٢م ثم اصداري على أثر ذلك كتابي غروب الشمس ، وداعاً للصحافة الورقية عام ٢٠١٣ م  ونشرت النبأ وقتها صحيفة سبق الاكترونية بأستبشار وربما لأنها لا تتعامل مع الورق بقولها : "ابن نقا يودع الصحافة الورقية في معرض الكتاب"  ثم تحدثت عن ذلك في استديو القناة الثقافية في معرض الرياض الدولي الكتاب في تلك السنة ايضاً .

وسنة بعد سنة يبدأ العد التنازلي لعمر الصحف الورقية حيث تم تقليص عدد الصفحات الى اكثر من النصف وانخفضت القوة الشرائية الى ادنى مستوياتها ومعها فقدت قيمة الإعلانات التجارية  ولم يبقى لها من مداخيل الا الاشتراكات الحكومية التي اعتبرتها في تغريدة سابقة انها "اجهزة تنفس صناعي"  للصحف التي تمر بموت سريري. 

كان يجب ان يتم تدارك المشكلة ومعالجتها مبكراً للتخفيف من آثارها والأمكان من تحويل الصحافة تدريجياً الى المسارات الرقمية ولكن كانت بعض الأدارات الصحافية تجهل اوتعلم وتكابر -لا ادري- ولم تستوعب التغيير والتحول الكبير في عادات القراءة المتجددة مع التقنيات الحديثة ذلك النوع من الفكر الإداري التقليدي كان مسيطراً بنفوذه الصحافي على هيئة الصحفيين السعوديين التي يعال عليها الأخذ بزمام المبادرة واتخاذ موقفا ينقذ الصحف من المأزق الذي تمر به ولكن لأن الهيئة -وقتها- تخشى الشباب وافكارهم الجريئة فقد بقيت هي الأخرى جزء من 
مشكلة ادارة الصحف بالطريقة التقليدية التي اوصلتها الى ما هي عليه الآن. 


ولا زلت في "الآن" حيث اقرأ عن اجتماعات صحافية تبحث عن حلول وتحذر من التوقف وكذلك اشاهد برامج تلفزيونية تستضيف مسؤلين تحرير تكرر التحذير وتطالب بتدخل الجهات المعنية .

المشكلة ان المسافة طويلة بين آخر نقطة وصل لها التسارع الصحافي الرقمي والنقطة التي تقف عندها الصحف الورقية هذه المسافة توضحها واقعة في افتتاح مشروع حيوي كبير حينما تم دعوة عدد من مشاهير وسائل التواصل الأجتماعي من سناب وتويتر لتغطية فعاليات الأفتتاح يقابلها الاعتذار من محرر صحيفة ورقية جاء متأبطاً  ورقة وقلم !


هنا يجب ان تستوعب الصحف الفرق وتفكر جيداً في استقطاب كفاءات بشرية تعشق التحدي وتملك الموهبة ولديها الطموح وتدفع لهم مقابل مجزي وتسخر ما تبقى من إمكانياتها المادية وعلاقاتها العامة في اقتحام المجال الرقمي بكل قوة بدلاً من استنزاف رصيدها في الاستمرار في الطريق الذي يروه إمامهم مغلق ثم يطالبون بأنقاذهم من التوقف .

تحية إعجاب لصحيفة مكة التي جاءت متأخرة  للمشهد الصحفي ولكنها تقدمت بروحها العصرية واستخدامها التقنيات والأساليب الإحترافية ونجحت في التواجد المتوازن بين الورقي والرقمي فهي الانموذج الأمثل الذي يمكن ان ينقذ بقية الصحف ويوجهها الى المسار الصحيح .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

قصص من الصحافة

عنوانها جمال خاشقجي "بيني وبين الصحافة قصص ومواقف لا تنسى نوافذ مفتوحة وأبواب مؤصدة  " اولها مع الشاعر طلال الرشيد صاحب الفواصل الجميلة حينما نشر فريقه الصحفي مقالة لي بذكر أسمي الأول فقط "هزاع" وتبين بعد النشر ان الخطأ حقق إثارة ورغبوا ان استمر به واختلفنا وانصفني يرحمه الله بتنويه باسمي كاملاً بالعدد الذي بعده ثم توقف المسار بعد هذا الأختلاف. وليس آخرها إيميل من رئيس تحرير صحيفة الوطن جمال خاشقجي رداً منه يرحمه الله على موضوع بيننا لم يكتمل ، بعد إطلاعه على نماذج من مقالاتي قائلا؛  اهلاً بك "ربما تكون صحفي اختفى بين اوراق العمل الحكومي" وكنت وقتها مديراً في منطقة عسير  ومنها أكتشفت ان هناك معايير تنبع من رغبات وأنتماءات تشبه المتعارف عليها في الصحافة الرياضية ان الكاتب لابد ان يكون له ميول للنادي المفضل لخط الصحيفة.  ولم تمضي أشهر حتى التحقت بصحيفة شمس كاتباً اسبوعياً وانتقلت عملياً الى منطقة جازان وقد واجهت بعض التحفظات الاجتهادية على ما اكتب من ادارتي التي تكبح احياناً إثارة قلمي غير ان الصحيفة غربت وهي في أوج توهجها. وبقيت كلمة خاشقجي تضغط ع...

مارد الإبداع

في غفوة روحية  اطل على مشارف أعماقه وسبر أغوارها البعيدة . وأغراه الفضول على استجلاء غموضها ، فأوغل في النزول وهو يتوجس خيفة مما قد يحتوية قاعها  . ثم استمر في الولوج حذراً حتى قارب على بلوغ قاعها المجوف ، وقبل أن تلامس قدميه ارضيتها القي بنظرة على موضع نزوله فرأى ما طمئنه على صلابة الأرضية . فحط عليها فإذا هي أرض حريرية الملمس . . ثم تساوى قائماً وأرخى أعصابه حتى هدئ زفيره وشهيقه ، وأخذ يتلفت يميناً وشمالاً ليتأكد من خلو المكان من غيره ثم خطى أولى خطواته باتجاهات عشوائية كأنه طفل يتعلم المشي ويحاول ان يكتشف خبايا المكان بسرعة ويعود من حيث أتي ، وبينما هو كذلك إذ لاح له من بعد ضوئاً يتلألأ من ألوان عدة . . فمشي باتجاهه واقترب منه بخطوات مرتجفة فإذا هو قمقم جميل المظهر . . خافي الجوهر فالتقطه فرحاً به  واخذ يملئ النظر به ويتلقفه بين يديه مسروراً كأنه وجد ما يكافئ به همته واستمر في تجواله في دهاليز القاع عله يجد أحس منه أو مثله فلم يجد ما يصرف نظره عنه . . ثم استعد للعودة إلى مكان هبوطه . وقبل أن يعرج عائداً الى عالم اليقظة حدثته نفسه بما في هذا القمقم الجميل . . لابد أن...

نصفها الآخر.

أحلام البنات بين الحصان الأبيض والمرسيدس الأسود  تبحث عنه . . ولا تجده  ويبحث عنها . . فلا يجدها  ويبقى كل منهما ضالة الآخر المنشودة  ويستمر البحث عن النصف الآخر ليظل الهم المسيطر على تفكير كل منهما دون أن يمسك احدهما بالخيط السحري الذي يربطه بذلك الذي يحسه ولا يراه إلا طيفا يغريه على مواصلة البحث والتفتيش .  انهما يشبهان سفينة بلا ربان ، تمخر البحر وتصادم أمواجه المتلاطمة لا تعلم أين اتجاهها . . ولا أين مرساها . تجري بها الرياح حيث تشاء .  قد تقترب من المرسي الذي ينتظر قدومها بكل حرارة ولكن سرعان ما تستسلم لتيار مضاد لمسيرها فيرجعها من حيث أتت .  وتظل هي في الانتظار . . وهو في حيرة الاختيار  لا يعلم أين هي . . ولا تعلم أين هو . ويتأمل كل منهما قصة نزول آدم وحواء إلى الأرض أين نزل كل منهما . . وكيف التقيا؟  ولكن أدم وحواء كانا في الجنة ثم اخرجا منها ، وهم على موعد لقاء في الأرض فكافحا حتى توجا كفاحهما بلقاء كان ثمرته عمارة الأرض .  أما هم فلم يسبق لهم رؤية بعضهم من قبل .  كل ما في الأمر ، انها تشكلت ملامح ش...

وداعا حبيبتي كثيرة الكركرة

منذ سنين   وأنا أحاول، وأحاول وأحاول إلى أن نجحت في إحدى محاولاتي وتخلصت ممن تعاطيت الحب معها مره عابثاً فأسرتني بحبها حتى أدمنته وجري في عروقي مجرى الدم .  -  بين العقل والقلب خصام دائم ينتهي من حيث يبتدئ ليظل أخيراً كمن يدور في حلقة مفرغة تشكل مداراً لحب أحدهما يرفضه . والآخر يخفق له . والميدان نفس لا تطيق الخصام فكيف بها وقد أصبحت ميداناً له . أما أنا فقد وقفت أمام ما أرى طوال السنين الماضية موقف العاجز عن حسم الخلاف بين عقله وقلبه .  وهكذا يبقى الخصام الذي يصل أحياناً حد التصادم قائماً لا يكل ولا يمل . . ولا يأس معه ولا أمل . وكنت أردد دائماً : أعظم الجهاد جهاد النفس وأعظم الانتصار . . الانتصار عليها . فتحتج النفس وترفع صوتها : ما ذنبي وما خطيئتي إلا يكفيني مصيبة أن كنت ميداناً لمجانينك المتعنترين لا يتنازل احدهما عن الآخر أو ينتصر فأرتاح وإلى متى ؟ أظل على هذا القلق الذي لا يطاق . .  أبعد كل ذلك أجدك تعظم جهادي والانتصار علي ؟  أرد : لا يا نفسي أنا لا أقصدك بذاتك أنا اقصد أولئك الذين أقلقوك . . وأرهقوك ونقلوا همك إلي ولكن في النهاية هم جزء م...

القبيلة في المجتمع المدني.

م منذ اكثر من عشر سنوات والنفس القبلي يرتفع في المجتمعات  الخليجية حتى اصبحت القبائل اشبه ما تكون بالأندية الرياضية واصبحت العوائل التي لم تكن تظهر انتماءها القبلي تمدناً تتفاخر في هذا الوقت بأنتمائها للقبيلة . عوامل كثيرة ادت الى ثورة القبيلة في المجتمع الذي يفترض ان يكون مدنياً في ظل انظمة الدول الحديثة في الخليج القائمه منذ حوالي قرن من الزمن . ومن اكثر هذه العوامل تأثيرا هي مسابقات الشعر وتصويت الفزعة ومنافسات مزاين الأبل في ظل سهولة وسرعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تشعل الحمية القبلية بسرعة اشتعال  النار في الهشيم . فمشروع المجتمع المدني في الخليج هو محض خيال  او مثالية زائفة فالمجتمع  على مدى العقود الماضية الهادئة لم يعمل بشكل جاد في بناء مؤسساته المدنية  التي تعزز مقومات المواطنة  وتكافؤ الفرص بل وجدنا اختلافاً في توثيق انتمائاتهم في السجلات الرسمية بين ما هو قبلي وما هو عائلي ولا زال هذا التصنيف باقياً الى اليوم في اغلب الدول الخليجية حتى انك لتجد مواطناً من قبيلة يطابق اسمه مواطناً آخر من نفس القبيلة في دولة اخرى . وبناء على هذا ال...

السوسياسة العربية

 إنتفاضة ضرس ! أحيانا الحدث العابر حينما يتزامن مع ظرف معزز يتحول ألتقاهما إلى حدث مدويّ ويفتح أبوابا لشجون الحديث وهو ما حصل في هذه الحكاية فقد قرأت طرفة تقول: ان احمقاً آلمه ضرسه فذهب الى طبيب الأسنان غاضباً وقال : اخلع كل اسناني الا هذا اتركه وحده زي الكلب ! ضحكت كثيرا حيث صادف ذلك ألماً ضرسياً شرساً يباغتني كل فترة  وكلما زاد الألم كلما اتسعت مساحة العذر مني لذلك الأحمق الذي اتخذ من العناد والتحدي وسيلة لمعالجة المشكلة وقد يكون محقاً لو كان الضرس يعقل ! ولو افترضنا-جدلاً- ان الضرس يعقل لكنت اول من نفذ علاج اخينا الذي لن يكون احمقاً في تلك الحالة فشدة ألم الضرس ومباغتته بالهجوم بين المرة والأخرى تجعلك احياناً تفقد أعصابك وتحمله المسؤلية مباشرة. يضحك الضرس " بعدما افترضنا جدلاً انه يعقل" ويتحدث قائلاً : ان ذلك الأحمق يذكرني بتحميل القيادة الأسرائيلية تصرفات الشعب المغبون قيادته الفلسطينية ويتهمونها بعد كل عملية بتصعيد العنف ، انهم يتجاهلون الفعل ويستنكرون ردة الفعل والمضحك في الأمر ان بعض ابناء جلدتك العربية يصدقون ذلك وبعضهم يتظاهر بالتصديق ويطالبون الجانب المغلوب ع...

قصة حب بين اللهجة واللغة

اللغة الثالثة  ثمة خط فاصل بين ثقافة البيت ، وتثقيف المدرسة. البيت بثقافتة وآدابه الشعبية والمدرسة بأدبها العربي الفصيح. كأنهما . . جديان متناطحان والتلميذ الذي نشأ في بيئة شعبية ويدرس في مدرسة تقدم الأدب العربي يقف على هذ الخط الذي تتناحر القوتين من أجله. في أحد الصباحات المدرسية الندية سأل المعلم تلامذته الصغار :  من منكم يحفظ أنشودة ؟  فيقفز تلميذ في آخر الفصل ويرفع يده قائلاً :  - أنا . . يا استاذ  الأستاذ : تفضل . التلميذ بنشوة طفولية :  الذيب ما له قذلة هلهليه                يا حظ من له مرقد في حشى الذيب ! تعصف بالفصل موجه ضحك ، ، وتتعالى قهقهات الصغار . . ويحاول المعلم ان يمسك بعنان الحصة قبل أن تفلت من يدة ويأمرهم بالسكوت ، ليسأل التلميذ  - ما معنى هذا البيت ؟  التلاميذ وفي صدورهم يحتبس ما بقي من ضحك :  المعنى في بطن الشاعر . - يجيب التلميذ : هذا البيت يا أستاذ لطفل آخر من توفي من أولاد رجل عاشق  وكان أولاده أشد عشقاً منه ، لدرجة أنهم ماتوا شهداء في بحر ال...