كان الوقت ظهراً والجماعة خاشعون في صلاتهم خلف الإمام بكل طمأنينة وروحانية وفجأة . يخترق هدوء المكان وأجوائه الروحانية لحنا موسيقياً لأغنية محمد عبده :
الأماكن كلها مشتاقة لك.
يرتبك المصلون في المسجد وتكاد تتهاوي أركانه من هول ما يسمع ؟ ويحق له أن يتهاوى وتتابع النحنحات من يمين مصدر الصوت ومن شماله ثم يغيب ولا تكاد النفوس تهدأ وتستقر حتى تعاود النغمة الموسيقية للجوال ويتكرر المشهد ؟ وفي الثالثة يترك المصلي نغمة جواله تصدح في أرجاء المسجد حتى نهايتها ولسان الحال يقول المساجد ليست اماكن للغناء يا صاحب الجوال.
يروي أحد المصلين : من بداية الركعة الثالثة وحتى التشهد الأخير وأنا لا أعرف ماذا قلت في صلاتي وأعتقد أن كثير من المصلين كذلك وبعد أن يسلم الإمام وقبل أن يستغفر . ويهلل . . ويسبح يقوم بعض الغيورين بلومه وتوبيخه وينفلت بعضهم عليه بأقذع الشتائم حتى ختم أحدهم كلامه بقوله : لو لم تصلي لكان أفضل لك ؟ انتهت الحادثة.
وفي حادثة أخرى في حي شعبي في صلاة العشاء يختلط صوت الإمام بنغمة موسيقية لأغنية « خمس الحواس » ويكاد سقف المسجد أن يتزلزل ويحق له ويحاول المصلي أن يغلق الجهاز ولكنه يفشل وبعد نهاية الصلاة يلتفت الأمام . يا مسلمين اتقوا الله
وفي حادثة أخرى في حي شعبي في صلاة العشاء يختلط صوت الإمام بنغمة موسيقية لأغنية « خمس الحواس » ويكاد سقف المسجد أن يتزلزل ويحق له ويحاول المصلي أن يغلق الجهاز ولكنه يفشل وبعد نهاية الصلاة يلتفت الأمام . يا مسلمين اتقوا الله
أمر بسيط يرد أمر عظيم أن تغلق الجهاز أو تضعه على الصامت لأنك وأنت تصلي لن يمكنك أن ترد على المكالمة .
إذن لماذا لا تضع الاحترازات اللازمة لمنع الرنين الموسيقي . وإذا نسيت يا أخي فلا أعتقد أنه يمنع أن تفعل ذلك وأنت في الصلاة لأنه بلا شك أخف ضرراً من أن تترك الموسيقى تصدح في المسجد وتؤذي المصلين وتشتت تفكيرهم . ان البعض يعتقد أن من تمام الصلاة أن لا يحرك ساكن حينما يغني جهازه ويتركه على ليلاه
وعندما تنتهي الصلاة يلوم من اتصل في هذا الوقت ؟ بينما لا يلوم نفسه حينما تكاسل أو نسي أن يلجم جواله . ويتفرق المصلين وعند الباب يلتفت مصلي ظريف إلى بطل المهزلة : يا أخي والله أشغلت حواسنا الخمس ؟ ويمضي . .
وفي خبر في أحد الصحف ينقل حادثة وقعت في إحدى قرى صعيد مصر صدح جوال أحد شبابهم بموسيقى لأغنية هائمة وما إن انتهت الصلاة حتى غضب المصلين الصعايده وسحبوه خارج المسجد وأوسعوه ضرباً بجزم المصلين والشباشب والمضحك في ذلك المشهد أن المصلين أخذوا وقتاً طويلاً في البحث عن أحذيتهم في فناء المسجد بعد أن تمكن الشاب من الهروب بدون حذاء . وقد لا يعود بعدها للمسجد أبداً .
أما المؤسف في كل المشاهد السابقة والتي لايزال مسلسل حدوثها مستمراً
وهي ان الموسيقى والاغاني غزت مساجدنا من حيث لا نتوقع حتى اخلفت صلواتنا ..
عمود ديننا ولا زلنا نتعامل مع ما يحدث بثورة غضب عارمة سرعان ما تتلاشى وكأن شيئاً لم يحدث.
وفي الحقيقة جلل عظيم أصاب صلاتنا ولم نتخذ حتى الآن وسائل إعلامية
عصرية للتصدي له إن وجدت فهي ليست على مستوى الظاهرة ، بل إن خطب الجمعة في المساجد التي تنقل مواضيع خطبها الإعلام والصحافة
لم تتطرق له ، كانه موضوع مخجل وهو كذلك ولكن السكوت عنه أو التهاون في معالجته قد
يترتب عليه ضياع الصلوات التي هي آخر ما نفقده من ديننا .
أخيراً .
لو شاء للمساجد أن تتكلم من منابرها لبحّت حناجرها ..
ولأباحت بما لم استطع أن اكتبه بما حل بالصلاة من مصائب الموسيقى ..
لعل المخالفين يستشعروا بخطورة الوضع ..
ويكفوا عن لا مبالاتهم ..
ويغلقوا جولاتهم .
تعليقات
إرسال تعليق